وفي غرة شهر ذي حجة اتصل بالوزير الثائر بالسلطان الآخذ بخطام الدولة المستبد بالأمر عمر بن عبد الله بن علي ما كان من محط الأمير المتوقع نجومه بالمغرب، بساحل تلمسان، وشروعه في الحركة إلى طلب الأمر، وهو على العلم يهوي الناس إليه على فرضه رجلاً من مُدَجّنة الأشبونة أو عمل بنبلونة تناهياً في فساد السيرة والانقياد إلى النبيذ وارتباكاً في حبال الشيطان، وخَوَراً في الطباع، فضلاً عن كونه صميماً من عِيص الملك كامل شروط البيعة، موصوفاً بالرجاحة. فاستراب بمن لديه وأعمل النظر وقدح زناد الفكرة، وهمّ بأن يصيّر الملك إليه وراسله زعموا في السر، ثم أوحشه مكان أتراب له لحقوا به، منهم الحالُّ الناجم المذكور محل الوزارة محمد بن موسى بن إبراهيم، المنبز بالسبيع، المشهور بفروسية وثقافة ودربة، وأوْلي القوم سفرته، فعمل حينئذٍ على استجلاب أميره محمد بن أبي عبد الرحمن تاشفين ابن السلطان أمير المسلمين أبي الحسن، المستقر في إيالة سلطان قشتالة نازعاً إليه من جملتهم بغرناطة عند القبض عليهم، وأن يمسك عليه البلد الجديد على الحصْر حتى يصل إليه. فوجه إلى سبتة مُعتقله سليمن بن داود، أنشَقه ريح الحياة، وكان في أضيق من الخرتْ وامتَنَّ عليه أيْأَس ما كان، وطوقه الخلعة وأركبه الفارِه، وسوغه الولاية، وجعل لنظره طنجة وأقامه بالمرصاد لإيواء مُستدعاهُ والذبّ عنه والممانعة دونه إلى أن يتصل به حَبْله، وارتهن ابنه بِكْر ولدِه وشُقَّة نفسه، وثقة في الوفاء بطلبته منه، فانطلق يقول قول عمران بن حِطَّان، غَلَّ يداً مُطِلِقُها واستحق رَقَبَةً مُعْتِقُها. واستحضر الوزير مسعود بن رحّو بن علي الشاخص في النصل المرتقب للغيله نِفَاساً على الخطة، وسُمُوّاً إلى المال العريض وخوفاً من الوثوب، وقد كان، اتصل منه بصهر عالج به قرحاً دامياً أثاره بينهما التحاسد فسوغه دنياه بجَمَّتِها لم يرْزُؤُهُ منها قِطْمير، وصرفه إلى مراكش يجرُّ الدنيا برَسَن، وقد وجع من الالتفات لِيتُه وأَخْدَعُه، زعموا أن مطايا عيالِه بلغت نيفاً وثلاثين من ذوات الحَكَمات والأرائك والقِباب. ووجه لنظر أخيه عمر بن رحو ظِئْر ذلك السلطان الهالك مَظْؤورَه الولد في لمة من الخيل، وأوعز إلى أوليائه بالجهة أن يظاهروا مسعود بن رحو التئاماً على الولد إن لحقه ضيق أو تعذر لمستدعاه قصد. وعند استقرار القوم بمراكش، انتدب أشياخ العرب من العاصم والخلط وسفيان والجابر والحارث ومن حالفهم، فوصلوا إلى مراكش وشاع عنهم مُعاقدة بقبر الولي القطب المقصود التربة أبي العباس السبتي.