ثم كان الارتحال إلى التربة المولوية المحترمة بشالة - فألقيت بها البَرْك، وحططت الرَّحْلَ، وَفَصَّلْت الخطة، وخاطبت اللسان المنعم المولى بما نصه بعد البسملة:) مولاي، المرجو المؤمَّل لإتمام الصنيعة، وصلة النعمة وإحراز الفخر، أبقاكم الله تضرب بكم الأمثال في البر والرضا وعلو الهمة ورعي الوسيلة، مقبِّل موطئ قدمكم، المنقطع إلى تربة المولى والدكم، ابن الخطيب، من الضريح المقدس بشالة وقد حط رحل الرجاء في القبة المقدسة وتذمم بالتربة الزكية وقعد بازاء لحد المولى أبيكم ساعة إيابه من الوجهة المباركة، وزيارة الرّثبُط المقصودة والتُرَب المعظمة، وقد عزم ألاَّ يبرح طوعاً من هذا الجوار الكريم والدخيل المرعي، حتى يصله من مقامكم ما يناسب هذا التطارح على قبر هذا المولى العزيز على أهل الأرض، ثم عليكم والتماس شفاعته في أمر يسهل عليكم لا يجرُّ إنفاذَ مال، ولا اقتحام خطر ولا التهجم على خطة، إنما هو إعمال لسان، وخط بنان، وصرف عزم وإحراز فخر وأجر، وإطابة ذكر. وذلك أن العبد عرفكم يوم وداعكم أنه ينقل عنكم إلى المولى المقدس والدكم بلسان المقال ما يَحضُر مما يفتح الله فيه ثم ينقل عنه لكم بلسان الحال ما يتلقى عنه من الجواب، وقال لي صدر دولتكم وخالصتكم وخالصة المولى والدكم سيدي الخطيب) يعني ابن مرزوق (سنّي الله أمله من سعادة مقامكم وطول عمركم:) يا فلان، أنت والحمد لله ممن لا ينكر عليه الوفاء بهذين الغرضين (، وصدر عنكم من البشر والقبول والإنعام ما صدر، جزاكم الله جزاء المحسنين، وقد تقدم تعريف مولاي بما كان من قيام العبد بما نقله إلى التربة الزكية عنكم حسبما أدَّاه من حضر ذلك المشهد من خدامكم، والعبد يعرض عليكم الجواب وهو: إني لما فرغت من مخاطبته بمرأى من الملأ الكبير، والجم الغفير، أكببت على اللحد الكريم داعياً ومخاطباً. وأصغيت بأذني عند قبره وجعل فؤادي يتلقى ما يوحيه إليه لسان حال فكأني به يقول لي:) قل لمولاك يا ولدي وقرة عيني المخصوص برضاي وبري الذي ستر حريمي وردّ ملكي وصان أهلي وأكرم صنائعي ووصل عملي، أسلّم عليك وأسأل الله أن يرضى عنك ويُقبل عليك) الدنيا دار غرور، والآخرة خير لمن اتقى (.) وما الناس إلا هالك وابن هالك (