وخاطبت المقام المولوي السلطاني وقد بذل نصفة وعدلاً من جملة تشتمل على نظم ونثر:
أنْتَ للمسلمينَ خَيْرُ عِمَادٍ ... وملاذٍ وأي حِرْزٍ حَريزِ
لَوْ رَأَى ما شَرَّعْتَ للخَلْقِ فِيهِ ... عُمَرُ الفاضِلُ ابنُ عَبْدِ العَزِيزِ
لَجَزَى مُلْكَكَ المُبارَكَ خَيْراً ... وَقَضَى بالشُّفُوفِ والتَّبْرِيزِ
فاشْكُر اللهَ ما اسْتَطَعْتَ بِفِعْلٍ ... وبِقَوْلٍ مُطَوَّلٍ أَوْ وَجِيزِ
كُلُّ مَلْكٍ يُرَى بِصُحْبَةِ أَهْلِ العِ ... لْمِ قَدْ بَاءَ بالمَحَلٍّ العَزِيزِ
فإِذَا ما ظَفِرْتَ مِنهُمُ بإِكْسِ ... يرٍ مَلأْتَ البلادَ مِنْ إِبْريزِ
والبَرَايَا تَبِيدُ والمُلْكُ يَفْنَي ... أَيْنَ كِسْرَى المُلُوكِ مع أَبْرَوِيزِ
وأنشدتُ ابني عبد الله، وقد وصل لزيارتي من الباب السلطاني، حيث جرايته ووظيفته، وانجرَّ حديثُ ما فُقِد بغرناطة في شجون الكلام:
يَا بُنيَّ عَبْدَ الإلَهِ احْتِسابَاً ... عَنْ أَثَاثٍ ومَنْزِلٍ وعَقَارِ
كَيْفَ يَأْسَى على خَسَارةِ جُزْءٍ ... مَنْ يَرَى الكُلَّ في سَبيلِ الخَسَارِ
هَدَفُ لا تَنِي سَهَامُ اللَّيَالي ... عَنْ سِبَاقٍ تِجَاهَهُ وَبِدَارِ
وَاحدٌ طَائِشٌ وثَانٍ مُصِيبٌ ... ليس يُنجى منها اشتمالُ حِذَارِ
غير ذي الدار صَرِّفَ الهَمّ فيها ... فمناخ الرحيل ليس بدار
وأنشدته وأمرته بحفظه والتأدب به، واللَّهَجِ بحكمته:
إذَا ذَهَبَتْ يَمِينُكَ لا تُضَيِّع ... زمانَكَ في البكاء على المُصِيبَة
ويُسْرَاهَا اغتنم فالقوس تَرْمِي ... وما تدرِي أرشقتُها قريبة
وما بغريبةٍ نُوَبُ الليالي ... ولكنَّ النَّجَاةَ هي الغريبة
ومن المنظوم في قريبٍ من هذا:
أيا أَهْلَ هذا القُطْرِ ساعده القَطْرُ ... دُهِيتُ فَدُلُّونِي لمن يُرْفَعُ الأمرُ
تَشَاغَلْتُ بالدنيا ونِمْتُ مُفَرِّطاً ... وفي شُغُلِي أو نَوْمَتِي سُرِقَ العُمْرُ
وقلت وقد انصرف عني الولد إلى مدينة فاس لإقامة رسمه من الخدمة، وأشجاني انصرافُه لوقوع قَرحة على قرح والله المستعان:
بَانَ يَوْمَ الخَمِيسِ قُرَّةُ عَيْنِي ... حَسْبِيَ الله أيُّ مَوْقِف بَيْنِ!
لَوْ جَنَي مَوْقِف النَّوى حَيْنَ حَيِّ ... كان يومَ الوداع والله حَيْنِي
ضَايَقَتْنِي صروفُ هَذِي اللَّيالِي ... وأَطَالَتْ هَمِّي وأَلْوَتْ بِدَيْنِي
وَطَنٌ نَازِحٌ وشَمْلٌ شَتِيتٌ ... كَيْفَ يَبْقَى مُعَذَّبٌ بَيْنَ ذَيْن؟؟
يَا إلَهِي أَدْرِك بِلُطْفِكَ ضَعْفِي ... إنَّ ما أَشْتَكِيهِ لَيْسَ بِهَيْن
ومن أبيات في المدح وتضمنت معنىً غريباً:
كأنما قِرنُهُ في صَفْحِ مُرْهَفِهِ ... قُرْبَان هِنْدٍ أَتَى يسْعَى عَلَى قَدَمِه
تبدو به في مبادي الأمر صورتُه ... وتغلِب النارُ إذ يكسو شعاع دمه
ما زال قربانُ نارِ الهند معتقَداً ... في الدّهْر أن الوجود الحقَّ في عدمه
ومن المقطوعات في النسيب:
أرسلت عيني في حُلاَك بنظرة ... هي كانت السببَ الغريبَ لما بي
وأراك بالعَبَرات قد عاقبتها ... ليس الرسولُ بموضع لعِقاب
ومن الأغراض الغريبة:
كأنما الغَيْثُ مَلْكٌ ... يَبْآى به جُلَسَاهُ
يُرْضِي النديمَ فمهما ... سقى الرياضَ كساه
وخاطبت السيادة الخطيبية مع طَيْفُور طَعَام:
تعَلَّمَ طيفوري خِلالَ سَمِيِّه ... وإنْ كان منسوباً إلى غير بِسْطَامِ
وجاء فقير الوقت لابِسَ خِرْقَةٍ ... فليس براضٍ غير صحبة صَوَّامِ
فَدَيْتُكَ لا تَرْدُدْهُ عنك مُخَيَّباً ... ودَرِّسْهُ يا مولاي قِصَّةَ بِلْعَامِ
ونظمت في هذه الأيام موشحتين استطردت فيهما إلى مدح السلطان تنويعاً في الوسائل وسَبْراً للقريحة، إحداهما:
د قامت الحُجة ... فليعذر العاذر فالعذل لا يُجدي
شيئاً سوى الكرب ... وشِقْوة الخاطر وشدة الوجد
حدِّثْ عن السُلوانْ ... أو شئتَ يا صَاحِ حدث عن العنقا