فأنا اليوم لا أَمَل لي إلا لقاؤك الذي هو الحظ، وإنْ فَتَكَ الزمن الفَظ، والنَّصير لمَّا ساء المصير، والكهف لمَّا عَظُم اللهف، وكيف لا ورعْيُكَ استخرج من الرَّكيَّة، وسمع على البعد صوت الشكية، وجودك أعطى وأمطا، وجاهك فَرَشَ وغَطَّى، فإن ذوت أغصان الصانع بلفح جحود، أو أصبحت الأيادي البيض من الغَمط في لحود، فأغصان صنائعك قِبَلي قد زهت بِحبِّها وأَبِّهَا، وحيَّتْهَا نَواسِمُ القبول من مهبِّها، وأياديك لديَّ أحياء عند ربِّها، تسأله جلَّت قدرته القديمة، ووسعت كلّ شيء رحمتُه التي هَمَت منها الدِّيمة، أن يجعل جاهك في الشمول جنس الأجناس، ورَبْعَكَ مَيْدَانَ جياد السرور والإيناس، ويعصمك يا محمد الحمد من الناس، ويجعل سعيَك مشكوراً، وفخرك مذكوراً، وقصدَك مأجوراً، وبابَك لا غُفلاً ولا مهجوراً، ومقامَك حِجْراً عن النوايب محجوراً، وإني لمَّا طرق النبأ بوجهتك في سبيل البر والفضائل الغر، تُجَدِّدُ عهدَكَ بزيارة أولي الفضائل الباهرة الآية، والمشايخ أنسباء سلفك في قُعْدُدِ الولاية، قلت هذا حنين لفصيله، وجذبٌ عن أسباب أصيله، وتحويمٌ على شريعه، ومقدمةُ أوبةٍ سريعة، مهلاً مهلاً فلم يَدَع العلم جهلاً، وأهلاً بمقامك الذي أقامك الله فيه وسهلاً، ولو زرت طيفوراً أو سهلاً، كفُّ الأكفِّ العادية، وبثّ المراشد الرائحة الغادية وهداية الخلافة الهادية، وهو معكم أينما كنتم حجة بادية، ومن دَافَع فَلْيَدْعُ ناديه. ولله دَرُّ رابعة وقد شُغِلَتْ بالحي عن المَيْتِ، وبالمِشْكَاةِ عن الزيت، فقالت الناس يطوفون بالبيت، وإن شوَّق ارتياضٌ ومران، وكاد يُلْقَى بِمَعْطِن التجريد جران، فليس يُحمَد قبل النُّضْج بُحران، وعالَم السياسة قُلَّب، وود إخوان الخُوان بارق خُلَّب، وفرع دوحتك الذي في هَضْبة المنبرِ الأمامي قد غرسته، وديوان النشأة الطاهرة قد درسته، فعاهده بالكفالة حتى يسح، ويرف دومه وسح، ولا تُوحشْ مَنْبِتَه المبارك باغْبَابِ شمسك، ومتِّعْه وأخوته بنعيم يومك، إذ لا قُدرةَ لنفسك على ردّ أمسك، وإذا ذُكر القدر فأمسك، وهَوَى مماليك سيدي أن لا يقع تقويض، ولا يُعدم للمدبر الحكيم تسليمٌ وتفويض، فالذي دبَّره في الأحشاء، وحكَّم في صورته الحسنة يدَ الإنشاء، حيث لا سببٌ يُعمل، ولا فكر فيما يُلغى ولا فيما يعمل، ولا حيلةٌ تُحْكَم، القوة العاجزة واللسان الأبكم، هو الكفيل لك بحفظ المنصِب، وصون الجناب المخصِب، حتى تستوفي عمر النهاية حِلْسَ وسادك، فائزاً بنعيم الدارين على رغم حسادك، وتَطْرَبُ إذا قَرَعَتْ المنابرَ المفضلَة عُصيّاتُ حفدتِك وأولادك، تحت كفالتك وبإرفادك، وسيدي شيخ زاوية الخلافة. فلا أَقْفَرَ منه محرابها، ولا أغفلت من غرر صنائعه البيض عُرابُها، ولا استوحش من حسام رأيه السديد قرابها، وعندما ورد البشير برجوع نَيِّرِكَ الأعظم إلى بيت شرفه، واستحثاث بريد الخلافة ركاب منصرفه، قلت اللهم اكتب خُطاه وأجْرَه، وارْعَ في معاملة أوليائك تَجْرَه، وغَبِّطهُ بعد بالمُقام في المَقَام الذي فيه أقمته، وأرغمت الباطل ووقَمْتَه، وهَنِّهِ الإيابَ الذي أزحت به الارتياب، والقفول الذي كفيت به آمالنا الأفول - والسلام.