دارها، ومزق بالإكراه صِدارَها، لما دلفت إليه الليوث، واستقبلته فاستقتلته الكتائب والبعوث، وأخذت عليه بعرف الطاعة، بغتة كقيام الساعة، السهولُ من الأرض والوعُوث، وما أبداه لمّا تغشّاه رداه من التمويه باللقاء، والعمل على الثبوت والبقاء، وتَظَاهر به من صيد العنقاء، والأخبار التي يستريب منها لسان الإلقاء، وما نشب لما نشب أن ركب الليل جملاً، وترك سائمته هملاً، ولم يصرف إلى غير طلب النجاة بإِفلاته ولات حين نجاته أملاً، وإن أولياء الدعوة السعيدية استولوا على المدينة فاستخلصوا حقها وأوضحوا طُرقها، وسكَّنوا واجِفَهَا، وأمنوا خائفها، ورفعوا عن رعيتها المرزَّأة كل تثريب، ولم يأخذوا بريئاً بمريب ولا بعيداً بقريب، وقبلوا الأعذار حلماً، ووهبوا ذنوب جُهَّالها وعلمائها وسفهائها وحُلمائها لمن وسع كل شيء رحمةً وعلماً. سجية من ملك فأنجح، وأبت له الهمَّة العلياء أن يتنحنح أو يتبجح، ورأى المزية بين الخطَّتَيْن فكان إلى التي هي أقرب إلى الله أجنح، فعاد الخلى إلى الجيد، بفضل ذي العرش المجيد، وعوجل الشعث بالتنجيد، وأصبحت الصهوة مركب البطل النَّجيد، وردّ سيف الطاعة بعد الإجهاد في جدال البلاد من الاجتهاد إلى التقليد، وشملت الكافة واقية كواقية الوليد، وتحلت المنابر بعد العطل، والخطأ المتعمد والخطل، بدعوة من الإمام السعيد، ورأى من الاعتزال الهرج رجحان القول بإخلاف الوعيد، فكأنما كانت فلتة تلك الإيالة، الطامعة في الإدالة، وارتشاف البُلاَلَة، سهواً في عِبَادَه، وتقصيراً في إجَادَه، ولحناً في وجادة، وغلطاً في استغفار، وقذى بين أشفار، ودخيلاً في قطار، ولحقاً عيباً بين أسطار، وحلماً محت اليقظةُ غروره، وتمويهاً ذهب الحق بنوره، وقلماً أدبر شيء فأقبل، وهل عند رسم دارس من معول، ومكابر الحق موكوس القسم، وضِدُّ السعيد معروف الاسم، وما كان الله جل جلالُه، وتقدست أسماؤه وصفاتُه وأفعاله، لينثر قلادة الدين بعد نظامها، وينسخ ثابت أحكامها بعد إحكامها، بل هو نورٌ وعد بإِتمامه، والوعد حق، وقاعدة لا يدخلها فرق، ومُلك تعلق بأذياله غرب وشرق، ومزن أومض في برده للغيث برق، فإن أذنب الدهر فقد استقال، وإن ضَحَى الملك بها فقد قال، ووجد لسانُ الصارم القوْل فقال، والحمد لله حمداً يدر من النعم السحب الثقال، ويقر أحوال السعادة فلا يعرف الانتقال، وقد كنا على علم قطعي، في سبيل شرعي، نرى أن الذي اختاركم لحمل هذه القلادة، من بين من يشارك في نسب أو ولادة، وألبسكم ملابس المَجَادة، وحلاكم لمَّا تولاكم قبل أن ولاَّكم بِحُليِّ السيادة، وجعل جبل الفتح أفق بدركم، وصدفة دركم، وبدأ بفاتحة الجهاد، وهي أم ذلك الكتاب، كتاب أمركم، لا يُهمل سلطانكم، ولا تذعر بالخلاف أوطانكم، وأن له فيكم خبيئة نصر يرتقب أوانه، وينتجز وعده ويقتضي ضمانه، حتى تُبلغ الآمال، وتنجح في مرضاة الله الأعمال، ففي التماس ما عنده سبحانه يجب أن تجمع الرحال وتفرق الأموال، وفضله تعالى لا يَخيمُ معه السؤل، ولا يخيب فيه السؤال، فلما وردت الأخبار بما منحكم الله من الفتوحات التي أبلغت البلاد والعباد أملها، ووفرت سرورها وجذلها، وما يفتحُ الله للناس من رحمة فلا ممسك لها، خاطبناكم نهنيكم بما وهب الله ومنح، ونرى أن ما فتح الله به عليكم فعلينا به فتح، فمقامكم العدة التي نباهي بها ونباهر، ونضاهي ونظاهر، ونطافئ ونكاثر، ونصادم ونصادر، أَبقاكم الله لآمال كريمة تُقتَضى، وخلال شريفة ترتضى، ومقاصد مبرورة تُنسِي ما سلف للسلف ومَضَى، ونحن أيضاً نعدُّ إيثاركم إيانا بالتعريف بهذا التَّكييف هدية ودية تقل لها المكافآت وإن جلَّت، وفضلٌ عميم أشرقت أنواره وتجلّت، وتستدعي القيام بحق مقامكم وهو المرام البعيد، وتجهد طرف اللسان في ميدان الشكر وأين يقع جهده مما تريد، فإلى الله نكل ما ننطوي لكم عليه من ود كريم، وحب صميم، فهو بالبواطن عليم، ولا ينفع لديه مال ولا بنون إلا مَنْ أتاه بقلب سليم، وهو سبحانه يصل سعدكم، ويحرس مجدكم، ويوالي نصركم وعضدكم، ويبلغكم من خير الدنيا والآخرة قصدكم. والسلام الكريم الطيب البر العميم يخص مقامكم الأعلى، وأخوتكم الفضلى، ورحمة الله وبركاته.