ما الفخر إلا لملك أنت تخدمه ... فَحُلَّ منه محلَّ الروح في البدن
إن لم يَفُز منه بالغايات مثلك أو ... تعلو الكواكب في آفاقه فمن؟
تبأى العلا منك يوم الفخر بابن أب ... جمّ السيادة عفّ السر والعلن
ماضي العزيمة ميمونٌ نقيبته ... جارٍ من البر والتقوى على سَنَن
إلى مضاء كنصل السيف يعْضده ... رأي يفرِّق بين الماء واللبن
أفادني زمني لقياك معتذراً ... عما جناه فلا أدعو على زمني
من بعد لقياك لا آسى على وطر ... مهما تعذَّر أو أبكي على وطن
عقدتُ صفقة وُدِّي فيك رابحة ... إن حالت الحال لا تَخشى من الغَبْنِ
فالبس نسيجة ما قدمت مُعْلمة ... من صنعة اليمن تنسى صنعة اليمن
من زار رَبْعَك لم تبرح جوارحه ... تروي أحاديث ما أوليت من مِنَنِ
فالعين عن قُرّةٍ والكف عن صلة ... والقلب عن جابر والأذْنُ عن حسن
ومنهم صاحب الأشغال ملك الحضرة الشيخ الفقيه الموصوف بالسلامة والعفَّة، الكاسع إلى صف الانقباض، المتحيز إلى فئة العافية، المَعْفِي اليد عن غمسها، في كيل الجباية، أبو الحسين بن الرئيس الصدر، مُؤَمَّل الدول الأولى، المخصوص باليد الطولى، أبي محمد عبد الله بن أبي مَدْيَنْ. جالسته فرأيت ذكاءه متوارياً في حجر تغافل، وسذاجة تَشِفُّ عن ظرف، وخاطبني صحبة بَرَنْكَانه بما نصه:
أيا سيداً حاز سبْقَ العلا ... بفضل النُّهى والسجايا الحِسان
ويا نخبة الوقت والمقتدى ... به في فنون علوم اللسان
ويا أوحد العصر في نثره ... وفي نظم الشعر كنظم الجُمان
بَنَانٌ تريك بخط اليراع ... بمَهْرِقِها سحرَ علم البيان
لقد حُزت في العلم أعلامه ... بحفظ النصوص وفهم المعان
وحزت ذُرى كل شأو رفيع ... فلا تسألنْ عن فُلٍ أو فلان
وَفُقْتَ ابن أوْس بنظم بديعٍ ... كما فقت نثراً بديع الزمان
أنار بك القطر لمَّا قَدِمتَ ... وظرف الزمان وظرف المكان
وأنَّسْتَ منا نفوساً لها ... بقربك ما تشتهي من أمان
تَقَبَّلْ هدية من لم يزل ... يُحِبُّك بالسمع قبل العِيان
فلما رأى شخصَكُم زاده ... ولوعاً بكم حُين تلك المعان
سلامٌ زكيٌ كعرفٍ زكي ... يَخصُّكمُ ما بدا النَيِّران
ومن أهل العلم والدين الشيخ الفقيه القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الهرغي الزقندري، وزَقَنْدر معدن الفضة ببعض تلك الجهات ولذلك ما قلت أداعبه:
سألتُك عبد الله إيضاحَ مشكل ... وأنت لكشف المعضلات بمرصَد
زقَنْدَرُ قالوا عنه معدن فضة ... فما بالُه أبداك نُدرةَ عَسْجَدِ