أمواج حلمنا صفواً، وسكَّنا بالصفح روعهم، وأذهبنا بالوعد الجميل خوفهم وجزعهم، وبعثنا أخوي الشقي صحبة القائد الأنصح الأثير المرعى قاسم بن أبي بكر بن بنج إلى عدوتكم المحروسة ليقر لهم فيها القرار وتطمئن بهم بحسب عفونا في جواركم الدار، ورحلنا صبيحة يومنا قافلين إلى الحضرة الكريمة مستعينين بالله في تتميم دعوتنا العلية، ونزلنا بهذا المنزل فوصلتنا أخبار وزيرنا المعظم أبي علي الحسن بن عمر أعزه الله، وأنه آخذ جهده في الخدمة ومتمسك بأمور الطاعة المهمة، وإنه وجه إلينا المال وآلات السلطان جميعاً وهم واصلون على الأثر بعد أن كانت كتبه وصلتنا أمس التاريخ، يستحث ركابنا، ويوصل بالحضرة أنسابنا ويقر من طاعتنا بالواجب، ويسلك في الخدمة والمحبة أسنى المذاهب، ونحن لا نزال نبرم عقد مودتكم وإن كانت الحال دعتكم إلى نقضه، ونعلم وضوح عذركم فيما فرط من الإخلال بفرضه، فنوافي لديكم سار أنبائنا تقريراً للمناصحة التي خلصت سراً وعلناً، والمحبة التي أنبتها الله من حَبَّة القلب نباتاً حسناً، والمشايعة التي نعتقدها شريعة ونتمسك بها سنناً، والمعاهدة التي تنيلكم في جهاد أهل الكفر أملاً، والمؤازرة التي تطلع لكم من آفاق دولتنا الكريمة شُهُبَ النصر قواضباً وأَسَلاً، ورعياً لما بين أسلافنا رضوان الله عليهم من الوصلة التي أسَّس مبانيها الجِوار، والمودة التي حَسُنَت في غاياتها ومبادئها الآثار، وتجديداً لذلك العهد، ولإن تقادم أمدُه، وتأكيداً لحُكْمِهِ الذي عظم بالمؤازرة مددُه. ولما بيننا من المواصلة في السر والجهر، وعندنا من المساهمة لكم في الحلي والمر، أعلمناكم بهذه الأخبار، وأفصحنا لكم عن جميل الاعتذار عملاً على شاكلة المساهمة، وحفظ المودة التي لم تزل على أصولها قائمة، ودفعاً لما عساه يلحقكم من الخجل في ذلك، وسلوكاً من مراعاة ودكم على أجمل المسالك وسيتضح لكم عند وصولنا إلى الحضرة الكريمة شواهد هذا الدليل، ويظهر ما أضمرناه لكم من الوعد الجميل، فثقوا بذلك وأفسحوا في جهاد أهل الكفر مجال آمالكم، والله يضاعف لكم التأييد والنصر، ويطلع لدولتكم الزمن النضر، ويضاعف لكم الاقتدار ويجري في مساعدة أمركم الأقدار، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.