القبول من مهبها، وأشرقت الأرض بنور ربِّها، وتذاكرتِ الرعايا صنائع والدكم المقدس فَرَعَتْهَا، وأنصتت إلى دعوة الحق فوعتها، وأقام الله لكم بدار الملك وهو الأصل، والرياس الذي يُمْسَكُ منه النَّصل، مَنْ حَمَى الحوزة، وأحيا العزامة، وبذل في حفظها عليكم الجزالة والصرامة، بما يستوجب به هو وعقبُهُ منكم الحظوة والكرامة، فلم تُجْدِ معه الحيل ولا أغنى الحصر، حتى نزل بإِصراخِكم النصر، وسعد بدعوتكم العصر وارتاح إلى مُحياكم القصر. ووردت عليكم الوفود تجر ذيول الأسَلْ، وتستشعر النشاط من بعد الكسل، وتراجع الوفاء المعهود، وتتذكر الحقوق السالفة والعُهُود، وأنكم حثثتم السَّير إلى الحضرة التي فارقتكم مطالعها هلالاً، فعدتم إليها بدراً، وارتاحت إلى لقائكم على مر الأيام، وقد جعل الله لكل شيء قدراً، وإن وزيركم الأوفى شكر الله وفاءه وجعل معروف اعتقادكم الجميل كفاءه، وجَّه آلات الملك التي بها يستظهر الأمر العزيز، ويكون بها على المدينة التبريز، وقررتم ما سلكتم فيمن أظفر الله به أمركم وسعى بالقدرة عليه صدركم من عفوٍ عن دمٍ، ورعي ذِمَمٍ، وإيثار عادة وفضلٍ موروث وكرم. فاستوفينا ما قررتم من مقاصِدَ نظمت البلاغة شذورُها، وجَلَت ظُلُم الحبر نجومُها العواتِم وبدورُها، وحضر بين يدينا خديمكم فلان فزاد الخبر لأجل المعاينة إيضاحاً، وأفاد شرح الجزيئاتِ الصدرَ انشراحاً، فقابلنا نعم الله عليكم بشكره وحمده، وسألناكم مزيد فضله بكل نِعْمَةٍ من عنده، وقُلنا الذخر الثمين انتظم في عقده، والحسام الماضي عاد إلى غمده، والفرع الكريم استقل بمنبت أبيه وجده، وما يفتح الله للناس من رحمة فلا مُمسك لها وما يُمْسِكْ فلا مُرْسِلَ له من بعده. ثم ثنينا العنان إلى شكر مجدكم الذي لا ينكر حقه، ولا تلتبسُ في الأصالة طُرقه، فالجواد لا ينكر سبقُه، والغيث يدل عليه برقُه. وعلمنا بما قررتم من استشعار العفة عمن قصدكم من الناس، وخفض جناح الإيناس، استقامةً للأمن إن شاء الله على أوثق الأساس، وسلامة الصدر وذهاب الباس، وسررنا - والله العليم بالضمائر - بما سَنَّى الله لكم سروراً ننازعكم فيه فضل اللباس وفضلة الكاس، فإن إيصال الحقوق إلى أهليها، وكَوْنَ رتب الآباء تستقر في الأحقِّ بها من بنيها مما جُبلت النفوس على استحبابه وإيثاره، ويجده كل قلب وفق اختياره، فكيف إذا عَضد ذلك وُد مُتوارث عن السلف، محفوظ بدرُه عن الكَلَف، فنحن نهنيكم والهنا شامل، ونؤمل لكم المزيد والله لا يخيب لديه آمل، ونسأله أن يسعدكم بما صار لكم ويجعل في طاعته عملكم، ويكتبكم فيمن شكر آلاءه ونعمه، وذكر فضله وكرمه، والسلام.