وبادر الوزير الثابت القدم بدار الملك بَعْث الأعلام، والخلع الملكية والمراكب الثقيلة الحلِية، والآلات التي باستعمالها تمام الأبهة بعد أن بدا له في الاستمساك، وشرع في ضم مرافق المحلَّة، واستخلف الكثير من الزاد، واكتسح البلد والمحلة لولا أنه أسلمه المنجد ورابه من أوليائه الأمر، وبادر إليه الأمير القاصد قبل إفاقته من هوله وابتلاع ريقه، فبعث رسولَه الشريفَ الثبت في الجُلَّى الدامغ الحجة العظمى. فما كان إلا أن أوصله إلى نفسه يوهمه الخلوة به، فجهر بالرسالة وقرأ على الناس الصكّ وأخل بالمصاف. وقاده إلى غرضه بعد التوثق له، فخرج الولد في طُوَيْفَةٍ من الأخوة والخدام بعد أن اقتضى له من عمه الدائل العهد بحفظه وتبينه فأخفر عما قريب عهد الله فيه.
وفي يوم الخميس الخامس من الشهر شهر شعبان، برز الوزير وقضى حقه وكر بين يديه مقيماً رسم الوزارة، مسجلاً له بالكرامة، فدخل البلد واستقر منه بدار أبيه وجده وأريكه إرثه، بعد انبتات السبب، وبُعد المحلة وإقصاؤ الأمل وعجز الحيلة وإعواز المال والعدة، سبحان ذي الملك الحق والقدرة لا إله إلا هو جل شأنه وعز سلطانه. وخاطب السلطان صاحب الأندلس أيضاً بما نصه: