للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والرُّعبُ بينَ يديكَ يُرْدِفُ جَحْفَلاً ... مِنهُ على بُعْدِ المسافةِ جَحْفَلُ

والرُّوحُ روحُ اللهِ يَنفُذُ حُكمُهُ ... لكَ والملائِكةُ الكِرامُ تَنَزَّلُ

لم يَدْرِ إسماعيلُ ما طَوَّقْتَه ... مِن مِنَّةٍ لو كانَ مِمَّنْ يَعْقِلُ

نِعَمٌ مُهَنَّأَةٌ وظلٌ سَجْسَجٌ ... تَنْدى غَضَارَتُهُ وماءٌ سَلْسَلُ

الطَّاعِمُ الكاسي ورِفْدُكَ كافِلٌ ... والعالَةُ المُعفاةُ مِمَّا يَثْقُلُ

أغراهُ شَيطانُ الغُرورِ لِغايَةٍ ... مِن دونها تَنْضَى المَطِيُّ الذُلَّلُ

يَبغي به دَرْجاً إلى نَيْلِ التي ... كانت قُوَى إدراكِهِ تَتَخَيَّلُ

سَرْعانَ ما أبداهُ ثمَّ أعادَهُ ... في هَفوَةِ البَلوَى وبِئْسَ المَنْزلُ

وسَقى بِكأسِ الحَيْنِ قَيْساً بَعْدَهُ ... واللهُ يُمْلي للطُّغاةِ ويُمْهِلُ

والغَدْرُ شَرٌّ سَجِيَّةٍ مَذمومَةٍ ... شَهِدَ الحكيمُ بِذاكَ والمُتَمَلِّلُ

فاسْاَل ديارَ الغادِرِينَ فإنَّها ... لمُجيبةٌ أطلالُها مَن يَسْأَلُ

جَرَّتْ عليها الرَّامِسات ذيولَها ... وعَوَتْ بِعِقْوَتِهَا الذئابُ العُسَّلُ

يا فَتْكَةً أخْفَتْ مواطِئَ غَدْرِها ... حِيَلُ الخَديعَةِ والظَّلامُ المُسْبَلُ

عَثرَ الزمانُ بها وكانت فَلْتَةً ... شَنعاءَ والدُّنيا تَجِدُّ وتَهْزِلُ

أَمِنَتْ سُعُودُك من حَرابةِ قاطِعِ ... فاسْرَحْ ورِدْ فهوَ الكَلا والمَنْهَلُ

قُتِلَ المُقاتِلُ بعدَها بِسِلاحِهِ ... وغَدا لها زُحَلٌ يَقرُّ ويَزْحَلُ

ولَفيفُ جُبَّانٍ إذا ما استُوقِفوا ... نادَتْ بهم آجالُهُم فتَسَلَّلُوا

طَرَقُوا على الضِّرْغَام لَيلاً غابَهُ ... والبدرُ تاجٌ بالنُّجومِ مُكلَّلُ

لولا دِفاعُ اللهِ عَنكَ وعصْمَةٌ ... أصْبَحْتَ في أبرادِها تَتَسَرْبِلُ

ما رُقِّعَ الوَهْيُ الذي قد مزَّقوا ... ما حُلِّيَ الجيدُ الذي قد عَطَّلوا

فَثَبَّتَ مُجْتَمِعَ الفؤادِ بِهفوَةٍ ... خُذِلَ النَّصيرُ بها وخانَ المَعْقلُ

وفداكَ شيخُ الأولياءِ بِنفسِهِ ... والنَّفْسُ آثَرُ كُلِّ شَيءٍ يُبْذَلُ

ما ضَرَّهُم إذ ناوَشَتْهُ كِلابُهُم ... وسَطَتْ بهِ أنْ لم يكونوا مُثَّلُ

وكذلك الخَبُّ اللئيمُ إذا سَطَا ... عَمِلَ التي ما بَعدَها ما يُعِمَلُ

ونَجَوْتَ مَنْجَى البَدْرِ بعدَ محاقِهِ ... تَهْوِي كما يَهْوِي بِجَوٍّ أجْدَلُ

فَحَلَلْتَ من وادي الأَشَى بقَرَارَةٍ ... عزَّ الثّواءُ بها وطابَ المَنْزِلُ

كُرْسِيُّ مُعْتَصِمٍ، ومثوى هِجرةٍ ... والمُسْتَقَرُّ إذا تَزِلُّ الأرْجُلُ

دارُ الوفاءِ ومَوطِنُ القَوْمِ الأُلى ... كَفَلُوا، وبالنَّصْرِ العزيزِ تَكَفَّلوا

حتى دعاكَ المُسْتَعينُ وإنَّهُ ... لأَبَرُّ بالمُلْكِ المُضَاعِ وأكفَلُ

فَرَحَلْتَ عنهم والقُلُوبُ بوالغ ... نُعَرَ الحَناجِرِ والمَدامِعُ تَهْمِلُ

فلقد شَهِدْتُ وما شَهِدْتُ كَمَوْقِفٍ ... والناسُ قد وَصَلوا الصُّراخَ وأَعْولُوا

وبكلِّ نادٍ مِنْكَ أنَّهُ نادِبٍ ... وبُكلِّ دارٍ مِنكَ حُزنٌ مُثْكِلُ

يتزاحمونَ عَلَيْكَ حتى خِلْتُهم ... سِرْبَ القَطَا الظَّامِي وكَفُّكَ مَنْهَلُ

وظَعَنْتَ عن أوطانِ مُلْكِكَ راكِباً ... مَتْنَ العُبابِ فأيُّ صَبْرٍ يَجْمُلُ

والبحرُ قد خَفَقَتْ عليكَ ضُلُوعُهُ ... والرِّيحُ تَقتَطِعُ الزَّفيرَ وتُرْسِلُ

في مَوقِفٍ يا هَولَهُ مِن موقِفٍ ... يَذْوَى له رَضْوَى ويَذْبُلُ يَذْبُلُ

حتى حَلَلْتَ بعُنْصُرِ المَلِكِ الذي ... يُرْعَى الدَّخيلُ بِهِ ويُكْفَى المُعْضِلُ

مَثوى بَني يعقوبَ أسباطِ الهُدى ... وسَحائِب الرُّحْمَى التي تُسْتَنْزَلُ

وخَلائِف الله الذين أكُفُّهُمْ ... ديم الوَرَى إن أَحْسَنوا أو أَمْحَلُوا

ودعائِم الدِّين الحَنيفِ إذا وَهَتْ ... مِنْهُ القُوَى واخْتَلَّ مِنهُ الكَلْكَلُ

<<  <   >  >>