للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القرطبي: " أجمع أهل التأويل على أنّ المراد بهذه الآية النّهي أن يقتل بعض الناس بعضا، ثم لفظُها يتناول أن نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى التلف ". (١)

وقال الشوكاني: " ولا مانع من حمل الآية على جميع المعاني ". (٢)

وقال ابن عاشور: " وقتل الرجل نفسه داخل في النهي؛ لأن الله لم يبح للإنسان إتلاف نفسه كما أباح له صرف ماله .. ". (٣)

- ومن الأحاديث الواردة في ذلك ما يأتي:

١ - حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحسّاه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا". (٤)

٢ - حديث ثابت بن الضّحاك - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من حلف بملة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال، ومن قتل نفسه بحديدة عذب بها في نار جهنّم ". (٥)

٣ - حديث جُندب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " كان برجُلٍ جراح فقتل نفسه فقال الله بدرني عبدي بنفسه حرّمت عليه الجنة". (٦)

٤ - حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الذي يخنق نفسه يخنقها في النار والذي

يطعنها يطعنُها في النار". (٧)

وجه الشاهد: قال ابن دقيق العيد: " هذا من باب مجانسة العقوبات الأخروية للجنايات الدنيوية، ويؤخذ منه أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم؛ لأن نفسه ليست ملكا له وإنما هي ملك لله تعالى فلا يتصرف فيها إلا بما أذن له فيه ". (٨)


(١) تفسير القرطبي: القرطبي، ج ٥، ص ١٥٦ - ١٥٧.
(٢) فتح القدير: الشوكاني، ج ١، ص ٦٨٨.
(٣) التحرير والتنوير: ابن عاشور، ج ٤، ص ١٠١.
(٤) صحيح مسلم: كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، ج ١، ص ١٠٣، برقم ١٠٩.
(٥) صحيح البخاري: كتاب الجنائز، باب ما جاء في قاتل النفس، ج ٢، ص ١٢٠، برقم ١٣٦٣.
(٦) المرجع نفسه: كتاب الجنائز، باب جاء في قاتل النفس، ج ٢، ص ١٢٠، برقم ١٣٦٤.
(٧) المرجع نفسه: كتاب الجنائز، باب ما جاء في قاتل النفس، ج ٢، ص ١٢١، برقم ١٣٦٥.
(٨) إحكام الأحكام: ابن دقيق العيد، ج ١، ص ٢٦١.

<<  <   >  >>