للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[البند الثاني: الرد على شبهات المجيزين.]

يجاب عليهم من ستة أوجه على النحو التالي:

[الوجه الأول: أن محمد بن مسلمة لم يصرح لكعب بن الأشرف بتأمين.]

وإنما حدّثه في أمر يتعلق بالبيع والشراء، واستخدم معه أسلوب التورية فقط بعد أن استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.

و" في قول محمد بن مسلمة " قد عنانا وسألنا الصدقة "، ليس هو بكذب محض بل هو تورية ومن معاريض الكلام؛ لأنه ورى له عن الحق الذي اتبعوه له في الآخرة، وذكر العناء الذي يصيبهم في الدنيا والنصب، أما الكذب الحقيقي فهو الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو به، وليس في قول محمد بن مسلمة إخبار عن الشيء على خلاف ما هو به وإنما هو تحريف لظاهر اللفظ، وهو موافق لباطن المعنى .. ". (١)

وفي الفجر الساطع: " هذه تورية عجيبة، أظهروا له رهن التوثيق واضمروا رهن الطعن ". (٢)

وقال النووي: " فيه دليل على جواز التعريض، وهو أن يأتي بكلام باطنه صحيح ويفهم منه المخاطب غير ذلك، فهذا جائز في الحرب وغيرها، ما لم يمنع به حقا شرعيا". (٣)

وقال القاضي عياض: " اختلف النّاس في تأويل قتل كعب بن الأشرف على وجه مخادعة أصحابه له، فقيل إنما كان ذلك، لأن ابن مسلمة لم يصرّح له بتأمين في شيء من لفظه، وإنما كلّمه في أمر بيع وشراء واشتكى إليه، وليس في خبره معه عهد ولا أمان، فيقال: إنه نقضه عليه، وقتله غدرا .. ". (٤)، قال ابن حجر: "وإنما فتكوا به؛ لأنه نقض العهد، وأعان على حرب النبي ص وهجاه، ولم يقع لأحد ممن توجّه إليه تأمين له بالتصريح، وإنما أوهموه بذلك وآنسوه بذلك حتى تمكّنوا من قتله". (٥)


(١) شرح صحيح البخاري: ابن بطال، ج ٥، ص ١٨٩.
(٢) الفجر الساطع على الصحيح الجامع: محمد الفضيل الشبيهي الإدريسي الزرهوني، تح: فؤاد ريشة، ط () دت، ج ٤، ص ٤٤.
(٣) شرح صحيح مسلم: النووي، ج ١٢، ص ١٦١.
(٤) إكمال المعلم شرح صحيح مسلم: القاضي عياض، ج ٦، ص ٩١.
(٥) فتح الباري: ابن حجر، ج ٦، ص ١٦٠.

<<  <   >  >>