للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٦ - وفي الصحيحين من حديث [١٢/أ] علي - رضي الله عنه - أيضًا عن النبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

((المَدِينَةُ حَرَمٌ (١) مَا بَينَ عَيْرٍ إِلَى ثَورٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً، أَو آوَى مُحْدِثاً

فَعَلَيهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صرْفًا

وَلَا عدْلاً)) (٢). قال أبو عبيد القاسم [بن] سلَاّم (٣): عير وثور جبلان بالمدينة (٤) [وأهل المدينة لا يعرفون بها جبلاً يقال له ثور، إنما ثور بمكة] (٥)، فنرى أنَّ الحديثَ أصلُهُ ما بين عَيْر (٦) إلى أُحد (٧).


(١) في نسخة (د): (حرام) بدل (حرم).
(٢) تخريج الحديث رقم (٥٦) هو تخريج حديث (٥٥) نفسه.
(٣) أبو عبيد؛ القاسم بن سلام بن عبد الله، من كبار علماء القراءات والنحو والفقه، له تصانيف كثيرة، ولد سنة ١٥٧ هـ، وتوفي بمكة سنة ٢٢٤ هـ. سير أعلام النبلاء ١٠/ ٤٩٠، معرفة القراء الكبار ١/ ١٧٠.
جاء في نسخة (ج) و (د): (أبو عبيدة) بدل (أبو عبيد)، وفي نسخة (أ) سقطت (ابن) بعد (القاسم)، والصحيح ما أثبتناه.
(٤) في نسخة (ج) سقطت كلمة (المدينة) بعد (جبلان)، وفي نسخة (د): (مكة) بدل (المدينة)، والصحيح ما أثبتناه أعلاه.
(٥) في (د) سقط ما بين المعكوفتين.
(٦) في ج و د: (عائر) بدل (عَيْر).
(٧) في (ج) و (د) زيادة بعد كلمة (أحد): (قلت: بل يعرفون أهل المدينة جبل ثور، وهو جبل صغير وراء أحد ولا ينكرونه).

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري معلقًا على قول (أبي عبيد): وأما أهل المدينة فلا يعرفون جبلاً عندهم يقال له ثور، وإنما ثور بمكة، ونرى أصل الحديث: ((ما بين عير إلى أحد)). قلت: قد وقع ذلك في حديث عبد الله بن سلام عند أحمد والطبراني. وقال عياض: لا معنى لإنكار عير بالمدينة، فإنه معروف، وقد جاء ذكره في أشعارهم، وأنشد أبو عبيد البكري في ذلك عدة شواهد، منها قول الأحوص المدني الشاعر المشهور: .................. =
= فقلت لعمرو تلك يا عمرو ناره تشب قفا عير فهل أنت ناظر
وحكى ابن الأثير كلام أبي عبيد مختصرًا، ثم قال: وقيل: إن عيرًا جبل بمكة، فيكون المراد: أُحرم من المدينة مقدار ما بين عير وثور بمكة، على حذف المضاف، ووصف المصدر المحذوف.
وقال النووي: يحتمل أن يكون ثور كان اسم جبل هناك؛ إما أحد وإما غيره.
وقال المحب الطبري في الأحكام بعد حكاية كلام أبي عبيد ومن تبعه:
قد أخبرني الثقة العالم، أبو محمد، عبد السلام البصري أن حذاء أحد عن يساره جانحًا إلى ورائه جبل صغير يقال له ثور، وأخبر أنه تكرر سؤاله عنه لطوائف من العرب - أي العارفين بتلك الأرض وما فيها من الجبال - فكل أخبر أن ذلك الجبل اسمه ثور، وتواردوا على ذلك.
قال: فعلمنا أن ذكر ثور في الحديث صحيح، وأن عدم علم أكابر العلماء به لعدم شهرته وعدم بحثهم عنه. قال: وهذه فائدة جليلة.
وقرأت بخط شيخ شيوخنا القطب الحلبي في شرحه: حكى لنا شيخنا الإمام أبو محمد عبد السلام بن مزروع البصري أنه خرج رسولاً إلى العراق، فلما رجع إلى المدينة كان معه دليل، وكان يذكر له الأماكن والجبال، قال: فلما وصلنا إلى أحد؛ إذا بقربه جبل صغير، فسألته عنه فقال: هذا يسمى ثورًا. قال: فعلمت صحة الرواية، وكأن هذا كان مبدأ سؤاله عن ذلك، وذكر شيخنا أبو بكر بن حسين المراغي نزيل المدينة في مختصره لأخبار المدينة أن خَلَف أهل المدينة ينقلون عن سلفهم أن خلف أحد من جهة الشمال جبلاً صغيرًا إلى الحمرة بتدوير يسمى ثورًا، قال: وقد تحققته بالمشاهدة.
وأما قول ابن التين أن البخاري أبهم اسم الجبل عمدًا لأنه غلط فهو غلط منه، بل إبهامه من بعض رواته، فقد أخرجه في الجزية فسماه، والله أعلم. بتصرف يسير عن فتح الباري ٤/ ٩٨ - ٩٩. وجبل ثور جبل صغير شمال أحد من الغرب، يقع شمال مبنى الصرف الصحي، وقد حددت موقعه لجنة مكونة من علماء المدينة في زماننا وهم: عمر بن محمد فلاتة، وحماد بن محمد الأنصاري، ومرزوق بن هيّاس الزهراني، وعبد العزيز بن عبد الفتاح القاري، ونشر في مجلة المنهل العدد ٤٩٩ سنة ١٤١٣ هـ، ص ٦٧.

<<  <   >  >>