للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسئل إعرابي عن ذلك فقال هو مص الريقة ولثم الثغر ولاأخذ من أطايب الحديث بنصيب فكيف هو عندكم أيها الحضري فقال العض الشديد والجمع بين الركبة والوريد ورهز يوقظ النيام ويوجب الآثام فقال تالله ما يفعل هذا العدو فكيف الحبيب قلت وقد تقدم أن الملوك كغيرهم في العشق وإن الملط العظيم قد يعشق ولا يذهب به عشقه إلى ترك تدبير ملكه وهناك طبقة أخرى دون الملوك إذا عشقوا لم يتفرغوا لاشتغالهم بصنائعهم وطبقة أخرى يبخلون بأديانهم وعقولهم عن شغل قلوبهم بما لا يحل لهم ويحرم عليهم وما سوى هؤلاء فإن عشقهم عرض من الأعراض بل مرض من الأمراض إذا وصلوا إليه أسرعوا بأنصرافهم عنه وربما صار هجراناً بل عداوة إلى آخر العمر وهذا هو الغالب على أهل زماننا هذا وهو أفسد أنواع الحب إذ يوجد عند الفراغ ويذهب عند الشغل ويحدث عند غلبة الشهوة ويتلاشى بتلاشيها فهو أضعفها لا محالة وأمر صاحبه سهل إذ هو يسلو بالجفاء وحب بقليل الوفاء ومن كانت هذه حاله سهل أمره وانطفأ بالبولة جمره فمن أهل هذا العصر من اقتصر على دمية القصر فهام بالحسناء من النساء ومنهم من خلع في الأمرد العذار وقال للسلو عن وجنته الحمراء النار ولا العار ومنهم من قرن بين الفريقين وجمع من المذكر والمؤنث بين الضدين فتراه يأتي على ما حضر ولا يتوقف عند صورة من الصور كما قيل:

أنا الرجل البصير بكل أمر ... دخلت من التصابي كل باب

فيهوى المرد والشبان قلبي ... ولا يأبى مواصلة الكعاب

وقد زاد ديك الجن على هذا حيث قال:

أعشق المراد والنكاريش والشي ... ب وعند مثل البنين البنات

خذ ما يشتهي ويعشق عندي ... حيوان نحل فيه الحياة

وقال أيضاً:

أنا من قولي مليح ... أو قبيح مستريح

كل من يمشي على وج ... هـ الثرى عندي مليح

حد ما ينكح عندي ... حيوان فيه روح

وقال ابن تميم مضمناً:

ومعشر عدلوا لما ركبت على ... أحوى محاسنه قبحن فعلهم

دع يعدلوا مااستطاعوا إنني رجل ... لو استطعت ركبت الناس كلهم

وقال بعض مشايخ العصر:

وعارض قد لام في عارض ... وطاعن يطعن في سنه

وقال لي قد طلعت ذقنه ... فقلت لا أفكر في ذقنه

وقال أيضاً:

شب وجدي بشائب ... من سنا البدر أوجه

كلما شاب ينحني ... بيض الله وجهه

وقال أيضاً بعض مشايخ العصر:

وقد عنفوني في هواه بقولهم ... ستطلع منه الذقن فاصبر على الحزن

فقلت لهم كفوا فإني واقع ... وحقكم بالوجد فيه إلى الذقن

وقال أيضاً بعض مشايخ العصر:

وكامل العارض قبلته ... فصدني وازور من قبلتي

وقال كم أنهاكم عن فعل ذا ... وأنت ما تفكر في لحيتي

وكتبت أنا إلى بعضهم:

ليهن مولانا حبيب لم يزل ... بوصله في كل محسنا

كم زينته لحية في وجهه ... أنبتها الله نباتاً حسنا

فكتب إلي الجواب عن ذلك:

يا مادحاً للحية سلواننا ... عن روضها لما زها لن يحسنا

مذ أنبت فيه نباتاًحسنا ... قبلتها منه قبولاً حسنا

فمكان كما قيل:

حاشى لمثلي عن هواه يتوب ... هو دون كل العالمين حبيب

أهواه طفلاًفي القماط وأمردا ... وبلحية وإذا علاه مشيب

وقال أيضاً بعض مشايخ العصر وقد عشق شيخا

كلفت به شيخاً كان مشيبه ... على وجنتيه ياسمين على ورد

أخو العقل يدري ما يراد من الفتى ... أمنت عليه من رقيب ومن ضد

وقالوا الورى قسمان في شرعة الهوى ... لسود اللحى ناس وناس إلى المرد

فقلت لهم لو كنت أصبوا لأمرد ... صبوت إلى هيفاء مياسة القد

وسود اللحى أبصرت فيهم مشاركا ... فآثرت أن أبقى بأبيضهم وحدي

وقال آخر وقد عشق عجوزاً.

كلفت بها شمطاء شاب وليدها ... وللناس فيما يعشقون مذاهب

<<  <   >  >>