للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال يا قوت الحموي وقد ظلم أهل الموصل من خصهم بالنسبة إلى اللوط حتى ضرب بهم المثل.

وقال فيهم الشاعر:

كتب العذارعلى صحيفة خده ... سطراً يلوح لناظر المتأمل

بالغت في استخراجه فوجدته ... لا رأى إلا رأى أهل الموصل

ولقد جببت البلاد ما بين جيحون والنيل فمن رأيته لا يخرج عن هذا المذهب فلا أدري لم يخص به أهل الموصل قيل وليس الأمر كذلك كما ادعى ياقوت من كل وجه لأن مجرد الميل إلى الذكر لا تخلو منه بقعة إنما أهل الموصل يزيدون على ذلك بأنهم يميلون إلى أصحاب الذقون وربما مالوا إلى من عذاره شيب ويقولون هنا شعرة وشعرة أي شعرة سوداء وشعره بيضاء وبعضهم يسميه زرزوريا وهذا قل أن يوجد في غير بلدهم وقد رموا بهذا من بين أهل البلاد وأهل الاسكندرية لأنهم يقولون ما نعطي فليستنا إلا لمن بنفقها على عائلته ووليداته، ما نعطيها لمن يأكل بها حلاوة قال الشيخ شمس الدين ابن قيم الجوزية في كتابه روضة المحبين بعد ذكر قصة عاد وما أفضى إليه بهم الهوى من الهلاك الفظيع والعقوبة المستمرة ثم قصة قوم صالح كذلك ثم قصة العشاق أثمة الفساق ناكحي الذكران وتاركي النسوان وكيف أخذهم وهم في خوضهم يلعبون وقطع دابرهم وهم في سكرة عشقهم يعمهون وكيف جمع عليهم من العقوبات ما لم يجمعه على أئمة من الأمم أجمعين وجعلهم سلفاً لإخوانهم اللوطية من المتقدمين والمتأخرين.

قال لما تجرؤ على هذه المعصية وتمردوا ونهجوا لإخوانهم طريقاً وقاموا بها وقعدوا ضجت الملائكة إلى الله من ذلك ضجيجاً وعجت الأرض إلى ربها من هذا الأمر عجيجاً وهربت الملائكة إلى أقطار السموات وشكتهم إلى جميع المخلوقات وهو سبحانه قد حكم أنه لا يأخذ الظالمين إلا بعد إقامة الحجة عليهم والتقدم بالوعد والوعيد إليهم فلما خالفوا الرسول المرسل إليهم ووقعت الحجة عليهم فعل الله تعالى بهم ما أخبر به في كتابه العزيز فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد فهذه عاقبة اللوطية عشاق الصورة وهم السف وإخوانهم بعدهم على الأثر.

فإن لم يكونوا قوم لوط بعينهم ... فما قوم لوط منهم ببعيد

وإنهم في الخسف ينتظرونهم ... على مورد من مهلة وصديد

يقولون لا أهلاً ولا مرحباًبكم ... ألم يتعدكم ربكم بوعيد

فقالوا بلى لكنكم قد سننتم ... صراطاً لنا في العشق غير حميد

أتينا به الذكر إن من عشقنا لهم ... فأوردونا ذا العشق شر ورود

فأنتم بتضعيف العذاب أحق من ... متابعكم في ذاك غير رشيد

فقالوا وأنتم رسلكم أنذرتكم ... بما قد لقيناه بصدق وعيد

فما لكم فضل علينا فكلنا ... نذوق عذاب الهون ذوق مزيد

كما كلنا قد ذاق لذة وصلهم ... ومجمعنا في النار غير بعيد

حكى قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان عن الأصمعي أنه قال دخلت يوماً أنا وأبو عبيدة المسجد فإذا على الإسطوانة التي يجلس إليها أبو عبيدة مكتوب على نحو سبعة أذرع:

صلى الإله على لوط وشيعته ... أبا عبيدة قل بالله آمينا

فأنت عندي بلا شك بقيتهم ... منذ احتملت وقد جاوزت سبعينا

قال لي يا أصمعي امح هذا فركبت ظهره ومحوته بعد أن أثقلته فقال أثقلتني وقطعت ظهري انزل فقلت له بقيت الطاء فقال هي شر حروف هذا البيت وقيل أنه لما ركب على ظهره وأثقله قال له عجل فقال قد بقي لوط فقال من هذا يهرب وكان الذي كتب ذلك أبو نواس.

قلت وقد جاء في تفسير قوله تعالى أن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض إن فسادهم كان اللواط.

[فصل]

[النظر إلى وجه الأمرد]

ذكر الحافظ محمد بن ناصر

<<  <   >  >>