للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الدالُّ على كمال الذات، فيستنفد حبُّه من قلب العبد قوةَ الحب كلها بحب ما عرفه من صفات جماله ونعوت كماله؛ فيصبح فؤاد عبده فارغًا إلا من محبته، فإذا أراد منه الغير أن يعلق تلك المحبة به أبى قلبه وأحشاؤه ذلك كل الإباء كما قيل:

يُرَادُ مِنَ الْقَلْبِ نِسْيَانُكُمْ ... وَتَأْبَى الطِّبَاعُ عَلَى النَّاقِل

فتبقى المحبة له طبعًا لا تكلفًا، وإذا تجلى بصفات الرحمة والبر واللطف والإحسان انبعثت قوة الرجاء من العبد وانبسط أمله، وقوي طمعه، وسار إلى ربه وحادي الرجاء يحدو ركاب سيره، وكلما قوي الرجاء جد في العمل، كما أن الباذر كلما قوي طمعه في المُغَلِّ (١) غَلَّق أرضه بالبذر، وإذا ضعف رجاؤه قَصَّر في البذر ...

وإذا تجلى بصفات العز والكبرياء أعطت نفسه المطمئنة ما وصلت إليه من الذلِّ لعظمته، والانكسار لعزته، والخضوع لكبريائه، وخشوع القلب والجوارح له، فتعلوه السكينة والوقار في


(١) المغلُّ أو الغَلَّة: الدَّخْل الذي يُحَصَّلُ من الزرع والثمر. ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٣٨١)، ولسان العرب (١١/ ٥٠٤).

<<  <   >  >>