للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مِن طاعاتٍ أمثال الجبال مِن المُدِلِّين (١) المُعجبين بأعمالهِم وعلومِهم وأحوالهِم، وأحبُّ القلوبِ إلى الله سبحانه قلبٌ قد تمكنت منه هذه الكسرة، وملكته هذه الذلة، فهو ناكسُ الرأسِ بين يدي ربِّه، لا يرفعُ رأسَه إليه حياءً وخجلًا مِن الله» (٢).

إنَّ الله سبحانه يُحب مِن عبدِه أنْ يكونَ منكسرًا بين يديه، ملازمًا لحالةِ الذُّل له، مفتقرًا دومًا إليه، بل إنَّ القلبَ لا تستقيمُ له حال إلا بالافتقارِ إلى الله الذي هو لُبُّ العبودية وروحُها، «فالقلبُ لا يصلح ولا يفلح، ولا يَلتذ، ولا يُسر، ولا يطيب، ولا يسكن، ولا يطمئن إلا بعبادة ربه، وحبه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به مِن المخلوقات لم يطمئن، ولم يسكن، إذ فيه فقر ذاتي إلى ربِّه، مِن حيث هو معبوده، ومحبوبه، ومطلوبه» (٣).

وكلما تعمق شعور العبد بحاجتِه إلى الله، دفعه إلى الإنابة، واستكانة القلب، وعكوفه على محبة الله وكثرة ذكره وشكره وحمده


(١) الإدلال: المنُّ بالعطاء. ينظر: تهذيب اللغة (١٤/ ٤٨)، لسان العرب (١١/ ٢٤٨).
(٢) مدارج السالكين (١/ ٤٢٨).
(٣) مجموع الفتاوى (١٠/ ١٩٤).

<<  <   >  >>