للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الغي إلى رحاب الإيمان، «يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ» (١).

لذا عتب الله على مَن غفل عن مشاهدة مِننه، فقال: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: ١٧]. إنها تربية القرآن التي تُطهر القلب من الاستعلاء، وتمحو عنه مسارب (٢) الإدلال (٣)، وتملؤه إجلالًا لله واعترافًا بفضله ومِنَّتِهِ، كما فقه ذلك أولو الفضل من أمثال عمر - رضي الله عنه - حينما طُعن وقال له عبدالله ابن عباس - رضي الله عنهما - مواسيًا: «يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وَلَئِنْ كَانَ ذَاكَ، لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ صَحَبَتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ، قَالَ: «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ الله تَعَالَى مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ


(١) قطعة من حديث قدسي أخرجه مسلم (٤/ ١٩٩٤) رقم (٢٥٧٧).
(٢) المسارب: المراعي التي ترعى فيها الدواب. ينظر: العين (٧/ ٢٤٩).
(٣) الإدلال: المنُّ بالعطاء. ينظر: تهذيب اللغة (١٤/ ٤٨)، لسان العرب (١١/ ٢٤٨).

<<  <   >  >>