للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مِنْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ الله جَلَّ ذِكْرُهُ مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِي فَهُوَ مِنْ أَجْلِكَ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ، وَالله لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعَ الأَرْضِ (١) ذَهَبًا لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ الله - عز وجل -، قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ» (٢).

إنَّ استحضارَ مشهد مِنَّة الله يُزيلُ مِن القلبِ منابت العُجب، ويغسله مِن درن الإدلال، ويُطهره مِن الدنس ليكون وعاءً نظيفًا يتزكى بالإيمان، ويرتفع بأعمال القلوب، وينتفع بأعمال الجوارح، أما إذا وُجدت هذه الأعمال مع شوائب العُجب والإدلال بالعمل، فإنها تَسْحقُ قلبَ صاحبها سحقًا، فلا تُبقي فيه خيرًا ولا تذر، ومِنْ ثَمَّ قال الله لمن أدلَّ بعمله، «قَدْ غَفَرْتُ لِفُلانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» (٣).

إنَّ إعجابَ المرء بعمله وإدلاله به سقطة مِن أشنع السقطات وأقبحها، إنه محرقةٌ للطاعات، ومَنْبِتٌ للرذائل وشتى الأدواء والآفات.


(١) طِلَاعُ الأَرْضِ: ملؤها. ينظر: جمهرة اللغة (٢/ ٩١٥)، والصحاح (٣/ ١٢٥٤).
(٢) أخرجه البخاري (٥/ ١٢) رقم (٣٦٩٢).
(٣) حديث قدسي أخرجه مسلم (٤/ ٢٠٢٣) رقم (٢٦٢١)، من حديث جندب - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن ربه.

<<  <   >  >>