للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعند الطبراني بسندٍ فيه اختلاف عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا يوم عرفة فقال: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَسْمَعُ كَلَامِي، وَتَرَى مَكَانِي، وَتَعْلَمُ سِرِّي وَعَلَانِيَتِي، لَا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِي، أَنَا الْبَائِسُ الْفَقِيرُ الْمُسْتَغِيثُ الْمُسْتَجِيرُ الْوَجِلُ الْمُشْفِقُ الْمُقِرُّ الْمُعْتَرِفُ بِذَنْبِهِ، أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْمِسْكِينِ، وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ ابْتِهَالَ الْمُذْنِبِ الذَّلِيلِ، وَأَدْعُوكَ دُعَاءَ الْخَائِفِ الضَّرِيرِ، مَنْ خَشَعَتْ لَكَ رَقَبَتُهُ، وَفَاضَتْ لَكَ عَيْنَاهُ، وَذَلَّ لَكَ جَسَدُهُ وَرَغِمَ أَنْفُهُ لَكَ، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي بِدُعَائِكَ شَقِيًّا، وَكُنْ بِي رَءُوفًا رَحِيمًا، يَا خَيْرَ الْمَسْئُولِينَ وَيَا خَيْرَ الْمُعْطِينَ» (١).

إذنْ فالدعاءُ هو لُب التَّعبد، وخالص العِبادة؛ لما ينطوي عليه مِن الافتقار التام لله، والذُّل بين يديه، وهو أنفع عبوديات القلب وأكثرها تأثيرًا فيه، ولا سيما إذا حضر قلب الداعي، واستحضر معاني ما يدعو به، فإذا كانت تلك الدعوات والابتهالات مما أخبر الله - عز وجل - به مِن أدعيةِ صفوةِ خلقه كانت أنجع شيءٍ للقلب؛ لما تشتمل عليه مِن مجامع الدعاء، وصدق التذلل، واستحضار معاني


(١) أخرجه الطبراني في الكبير (١١/ ١٧٤) رقم (١١٤٠٥)، وفي الدعاء ص (٢٧٤) رقم (٨٧٧)، وفي إسناده ضعف.

<<  <   >  >>