وقد يظن به أنه اقتصر على عائشة، وترك ابن عباس لم يذكره، كما فعل في حديث:
(١٨)«ينادي مناد: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً وأن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا» الحديث.
فإنه ذكره من عند مسلم عن أبي هريرة وحده، وإنما هو عند مسلم عن أبي سعيد وأبي هريرة.
فأبو محمد إما أن يكون اقتصر على أحدهما بالقصد [منه]، وإما أن يكون وضع بصره على أول الإسناد وهو أبو هريرة، ولم يلتفت ما قبله ظنا منه أن ليس قبله إلا التابعي، إذ هو لا يضع نظرا في أسانيد الصحيحين.
وحديث أبي الزبير هذا، لا يصح أن يكون فعل ذلك فيه بالقصد - أعني أن يقتصر على عائشة دون ابن عباس - إلا أن يكون قد أخطأ.
وبيان الخطأ فيه، هو أنه لا خفاء عند أهل صناعة النقل بقبح الاقتصار على رواية أبي الزبير عن عائشة، بدلاً من أبي الزبير عن ابن عباس، فإن أبا الزبير معروف الرواية عن ابن عباس، ومجهولها عن عائشة.
فهو إن كان فعل ذلك، فقد اقتصر على ما يشك فيه ولا يعرف، وما هو موضع نظر، وترك مالا ريب فيه عندهم