وقد ذكر الترمذي في كتاب العلل أنه سأل البخاري عن هذا الحديث نفسه قال، قلت له: سمع أبو الزبير من ابن عباس عائشة؟ قال: أما من أبن عباس فنعم، وفي سماعه من عائشة نظر.
فهذا من البخاري تصريح بأنه قد سمع من ابن عباس، وهو صحيح كما ذكر، وإن كنا نجده يروي عن بتوسط سعيد بن جبير، أو أبي معبد بينهما، على ما نبين إن شاء الله تعالى في باب الأحاديث التي ذكرها بقطع من أسانيدها، إذ أعاد ذكر هذا الحديث هنالك، من أجل تدليس أبي الزبير.
فمن يظن به أنه ترك رواية أبي الزبير عن ابن عباس لروايته عن عائشة، يحمل عليه أنه جهل ترجح روايته عن ابن عباس على روايته عن عائشة.
ويغلب على الظن أن ذلك لم يكن منه بقصد، وإنما اعتراه فيه أنه ظن أنه من رواية ابن عباس عن عائشة، وأن ابن عباس فيه بمنزلة التابعي، فتركه واقتصر على عائشة، اقتصاره من الأسانيد على الصحابة.
وهكذا رأيته كتبه بخطه في كتابه الكبير، حيث يذكر الأحاديث بأسانيدها، ساقه بإسناده فقال فيه: عن أبي الزبير، عن ابن عباس، عن عائشة، هكذا على الخطأ ثم اختصره من هناك فبقي كما كان.