وتعريف كل واحد بنفسه عرف الشاب بأنه فلان بن فلان وأنه أخذ عن فلان وعن فلان ...... ثم عرف سيدي حمو بنفسه وذكر بأنه لازم كثيرا سيدي محمد بن العربي الأدوزي وذكر أسماء عمن أخذ عنهم من العلماء، وبعد إجراء محاورات عديدة بينهما في مواضيع شتى منها، محاورتهما عن كبار الصوفية والمشايخ وكذا عن الإسلام اليوم وهل ما زال عما كان عليه، عمد الفقيه الشاب على إقناع الشيخ المسن سيدي حمو على مخالطة الناس، والتصدر للعمل الصالح، وبعد أن استخار سيدي حمو عقدا أخوة بينهما، فخرجا معا لمخالطة الناس، واتفقا على جولة يقومان بها لسوس لمداخلة الطبقات المختلفة فيه، لعلهما يجدا من يرشدانه أو غريبة أو عادة أو آبدة -هكذا- تفيد القراء، وتواعدا على أن يبين سيدي حمو للفقيه كل ما يعرفه عن عوائد القوم، وبدءا جولتهما في أقطار سوس.
وخوفا من التطويل نبين المحاور التي ارتكزت عليها هذه الجولة -على حسب ما وجدناه في المخطوط- فقد تحاورا أولا عن اللباس وتبيان الجديد منه والقديم، وأن الألبسة الحديثة لم تتسع إلا في أيام الحاحيين منذ ١٣١٥هـ، ثم تحاورا عن الصحة والأتاي وبين الولوع به في سوس، والقصائد التي قيلت فيه، ثم محور أغاني الرعاة مع تدوين بعض ما جرى بين راعيتين من أبيات شعره بالشلحة السوسية، مع ترجمتها بالعربية، ثم بعد أن وصل إلى قرية خالية من سكانها إلا من شيخين تحاورا حول حال المساجد في سوس مع تأسفهما عن خلوها بعد أن كانت عامرة.
إلى هنا توقف هذا المؤلف النفيس ولا ندري هل أتمه كاتبه أم لا، إلا أننا نجزم عكس ذلك، خصوصا وأنه قد راجعه وأضاف إليه إضافات وهوامش كأنه يريد أن يعده للطبع، وهذا الذي عندنا الآن في جزء وسط.
هذا هو برنامج هذا الكتاب، طولنا بالتعريف به على عكس ما ذكرناه في الطبعة الأولى من هذا الدليل؛ لأننا آنذاك لم نكن قد اطلعنا عليه، وأنه كان يعتقد من قبل أنه كل ما كتبه المؤلف عن العادات ما هو إلا المنشور في الجزء الأول من المعسول، وإنما المنشور فيه الذي خص للعادات الإلغية هو في الأصل ملخص كتاب له يسمى (أعراف إلغ وما إليها) -المذكور بعد هذا-.