للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحدهمَا أَن يكون الْكَلَام مُفِيدا لشَيْء مَا لَا تفِيد صفته نَحْو قَول الله سُبْحَانَهُ {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} فَإِن اسْم الْحق يُفِيد شَيْئا مَا لَهُ صفة وَلَا يُفِيد تِلْكَ الصّفة بِعَينهَا فاحتجنا إِلَى بَيَانهَا وَالْآخر أَن يكون الْكَلَام مَوْضُوعا لشَيْء على صفة ولشيء آخر على صفة أُخْرَى وَلَيْسَ بموضوع لَهما مَعًا بل يُفِيد كل وَاحِد مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ وَهُوَ الِاسْم الْمُشْتَرك كاسم الْقُرْء وَذَلِكَ أَنه مَوْضُوع للطهر ويفيد فِيهِ صفة وَهُوَ كَونه طهرا وَهُوَ مَوْضُوع للْحيض ويفيد فِيهِ أَنه حيض فقد أَفَادَ كل وَاحِدَة من الصفتين غير أَنه يفيدها على الْبَدَل فاحتجنا فِيهِ إِلَى بَيَان وَلَو كَانَ مَوْضُوعا لَهما مَعًا وَوَجَب إِذا انْفَرد أَن يحمل عَلَيْهِمَا يجْرِي مجْرى الْعُمُوم وَلما احتجنا فِيهِ إِلَى بَيَان فَأَما الَّذِي يحْتَاج إِلَى بَيَان لَا لوضع اللُّغَة فَهُوَ مَا كَانَ غير مُجمل إِلَّا أَنه قد اسْتعْمل لَا لما وضع لَهُ وَهُوَ ضَرْبَان أَحدهمَا أَن يكون قد اسْتعْمل فِي بعض مَا وضع لَهُ وَالْآخر أَن يكون قد اسْتعْمل فِي غير مَا وضع لَهُ أصلا أما الأول فكالعام الْمَخْصُوص وَالْمُطلق الْمَنْسُوخ وَالْعَام الْمَخْصُوص ضَرْبَان أَحدهمَا أَن يكون قد علمنَا مَا خص مِنْهُ بِعَيْنِه وَالْآخر أَن لَا نعلم ذَلِك بِعَيْنِه فَمَا علمناه بِعَيْنِه فَإنَّا قبل الْعلم بِهِ نحتاج إِلَى بَيَان مَا لم يرد منا دون مَا أُرِيد وَإِذا علمنَا مَا لم يرد منا بِعَيْنِه استغنينا عَن الْبَيَان فَأَما مَا لم نعلم مَا خص بِعَيْنِه فانا قبل بَيَان تَخْصِيصه نحتاج إِلَى بَيَان مَا لم يرد منا فاذا خص هَذَا النَّوْع من التَّخْصِيص احتجنا إِلَى بَيَان مَا أُرِيد منا وَمَا لم يرد أَيْضا وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون باجمال الْمُخَصّص وَهُوَ ضَرْبَان أَحدهمَا أَن يكون الْمُخَصّص مُتَّصِلا بِالْخِطَابِ وَالتَّقْيِيد بِالصّفةِ المجهولة فالتقييد بِالصّفةِ المجهولة كَقَوْل الله سُبْحَانَهُ {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم أَن تَبْتَغُوا بأموالكم} لَو اقْتصر على ذَلِك لم يحْتَج فِيهِ إِلَى بَيَان فَلَمَّا قَيده بقوله {محصنين} وَلم يدر مَا الْإِحْصَان لم ندر مَا أُبِيح

<<  <  ج: ص:  >  >>