للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِبَعْضِه وَأيهمَا فعل سقط عَنهُ الْأَمر وَإِذا أفادت هَذِه اللَّفْظَة فِي الْعرف مَا ذَكرْنَاهُ حملت الْآيَة عَلَيْهِ

وَمن ذَلِك حرف النَّفْي إِذا دخل على الْفِعْل مَتى لم يكن الْفِعْل على صفة من الصِّفَات وَذَلِكَ ضَرْبَان أَحدهمَا يُمكن انْتِفَاء الْفِعْل مَتى لم تحصل تِلْكَ الصّفة وَالْآخر لَا يُمكن انْتِفَاء ذَلِك الْفِعْل فمثال الأول قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب فحرف النَّفْي دخل على الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة لِأَن كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحمل على مَعَانِيه الشَّرْعِيَّة فَظَاهره إِذا يَقْتَضِي نفي الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة مَعَ انْتِفَاء الْفَاتِحَة وَذَلِكَ مُمكن فَوَجَبَ حمل الْكَلَام عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَون قِرَاءَة الْفَاتِحَة شرطا وَيَقْتَضِي أَن يكون قَوْلنَا صَلَاة فَاسِدَة مجَازًا أَعنِي وَصفنَا لَهَا بِأَنَّهَا صَلَاة وَيكون المُرَاد أَنَّهَا على صُورَة الصَّلَاة وَكَذَلِكَ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا صِيَام لمن لم يبيت الصّيام من اللَّيْل وَقَوله لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وَكَانَ الشَّيْخ أَبُو عبد الله يَجْعَل هَذِه الْأَلْفَاظ مجملة قَالَ لِأَن الْمَنْفِيّ مَوْجُود مَعَ انْتِفَاء الشَّرْط فَعلمنَا أَنه أَرَادَ نفي أَحْكَامه وَلَيْسَ بعض الْأَحْكَام بِأَن يكون هُوَ الْمَنْفِيّ أولى من حكم آخر إِذْ اللَّفْظ لَا يتَنَاوَل الْأَحْكَام على جِهَة الْعُمُوم وَلَا على جِهَة الْخُصُوص وَلِأَنَّهُ يتناقض حمل ذَلِك على نفي الْكَمَال وَنفي الْإِجْزَاء لِأَن فِي ضمن نفي الْكَمَال إِثْبَات الْإِجْزَاء وَالَّذِي ذكره إِنَّمَا يَصح لَو لم يَصح أَن يكون الْمَنْفِيّ هُوَ الَّذِي دخل عَلَيْهِ حرف النَّفْي وَقد بَينا ذَلِك وَأما مِثَال الْقسم الثَّانِي فَقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ أعظم متأول هَذَا الْكَلَام أَن يجْرِي مجْرى قَوْله لَا عمل إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَمَعْلُوم أَنه لَيْسَ يخرج الْعَمَل من كَونه عملا إِذا فقدت النِّيَّة فَعلمنَا أَن المُرَاد بِهِ أَحْكَام الْعَمَل من الْإِجْزَاء أَو الْكَمَال وَلَيْسَ بِأَن يحمل على أَحدهمَا أولى من الآخر وَلَيْسَ لأحد أَن يَقُول إِن قَوْله الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ يُفِيد فِي الْعرف نفي كَونه عملا مجزئا إِذا لم يكن نِيَّة لأَنا لَا نعقل ذَلِك من جِهَة الْعرف أَلا ترى أَنا قد حملنَا كثيرا من هَذَا النَّفْي على نفي الْفضل والكمال وَلَيْسَ لأحد أَن يَقُول الْمَعْقُول فِي الْعرف من قَول الْقَائِل لَا عمل إِلَّا بنية هُوَ لَا عمل مجزىء وَلَا كَامِل إِلَّا بنية لِأَنَّهُ إِذا لم يجزء لم

<<  <  ج: ص:  >  >>