للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكمل وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يكون قد عقل مِنْهُ نفي الْكَمَال تبعا لنفي الْإِجْزَاء فقد عَاد الْكَلَام إِلَى الأول وَكَذَلِكَ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان لِأَن الْخَطَأ وَاقع مِنْهُم فاذا الْمَرْفُوع هُوَ أَحْكَام الْخَطَأ فَاحْتَاجَ إِلَى بَيَان ذَلِك الحكم وَقد علمنَا أَنه لم يرد الْإِثْم لِأَنَّهُ لَا مزية لأمته فِي ذَلِك على سَائِر الْأُمَم

وَمن ذَلِك قَول بَعضهم إِن قَول الله سُبْحَانَهُ {فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} مُجمل لِأَنَّهُ يحْتَمل الْيَد من الْمنْكب إِذْ جُمْلَتهَا تسمى يدا وَيحْتَمل قطعهَا من الْكُوع لِأَنَّهُ يُسمى هَذَا الْقدر يدا وَيحْتَمل قطعهَا من الْمرْفق لِأَن هَذَا يُسمى يدا وَيُمكن أَن يحتجوا لذَلِك ايضا بِأَنَّهُ قد يُقَال قطعت يَد فلَان وَيُرَاد بهَا إبانتها وَقد يُرَاد إِيصَال قطع بهَا وَإِن لم تنفصل من الْبدن كَمَا يُقَال بَرى فلَان الْقَلَم فَقطع يَده وَإِنَّمَا يعلم إبانة الْعُضْو إِذا قيد الْقطع بِالْجُمْلَةِ فَقيل قطعت يَد فلَان من جملَته كَمَا يُقَال قطعت الْغُصْن من الشَّجَرَة

وَالْجَوَاب عَن الأول أَن اسْم الْيَد يتَنَاوَل الْجُمْلَة إِلَى الْمنْكب فَيجب حمل الْيَد عَلَيْهِ لَوْلَا قيام الدّلَالَة على خِلَافه فَقبل قيام الدّلَالَة على ذَلِك تكون الْآيَة مجملة إِذْ قد أُرِيد بهَا غير ظَاهرهَا لِأَن اسْم الْيَد لَا يتَنَاوَل الْكَفّ وَحده حَقِيقَة لِأَنَّهُ لَا يُقَال قطعت يَد فلَان كلهَا وجميعها إِذا قطع الْكَفّ فَلَو كَانَ اسْم الْكَفّ يتَنَاوَل هَذَا الْمِقْدَار وَحده حَقِيقَة لصَحَّ أَن يُقَال ذَلِك لِأَن الْكَفّ كل وَجَمِيع وَلَو تنَاول الْكَفّ حَقِيقَة وَجَمِيع الْيَد حَقِيقَة لحمل على أقل مَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم كَمَا أَن قَول الْقَائِل لغيره اضْرِب رجلا يُفِيد ضرب مَا يَقع عَلَيْهِ اسْم رجل ولمفرق أَن يفرق بَينهمَا بِأَن معنى الرجولية قَائِم فِي كل شخص من الرِّجَال فالاسم قد تنَاول جَمِيعهم على الْبَدَل وَلَيْسَ كَذَلِك قَوْلنَا يَد لِأَنَّهُ لَو تنَاول الْكَفّ وَتَنَاول من أَطْرَاف الْأَصَابِع إِلَى المفرق لَكَانَ قد أَفَادَ فِي ذَلِك فَوَائِد مُخْتَلفَة ولكان اسْما مُشْتَركا

<<  <  ج: ص:  >  >>