للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنه يبين لَهُ ذَلِك فِيمَا بعد

وَمِنْهَا قَوْلهم لَيْسَ فِي تَأْخِير بَيَان الْمُجْمل إغراء بِالْجَهْلِ فَفَارَقَ تَأْخِير بَيَان الْعُمُوم ولمخالفهم أَن يَقُول إِنَّه وَإِن فَارقه من هَذِه الْجِهَة فَإِنَّهُ لَا يمْتَنع أَن يخْتَص بِكَوْنِهِ عَبَثا إِذا تَأَخّر بَيَانه على حسب مَا يذكرُونَهُ

وَمِنْهَا قَوْلهم لَو قبح تَأْخِير الْبَيَان لقبح تَأْخِير الزَّمَان الْقصير وَإِن عطف جملَة من الْكَلَام على جملَة أُخْرَى وَيبين الأولى عقيب الثَّانِيَة ولقبح الْبَيَان بالْكلَام الطَّوِيل ولمخالفهم أَن يَقُول إِنَّمَا يحسن تَأْخِير مُدَّة لَا يخرج الْكَلَام مَعهَا من أَن يكون مترقبا يَرْجُو فِيهِ السَّامع زِيَادَة شَرط وَتَقْيِيد بِصفة وَهَذَا غير حَاصِل فِي الزَّمَان الْقصير وَلِهَذَا جَازَ أَن يتَكَلَّم الْإِنْسَان بِمَا لَا يفهم ثمَّ يُبينهُ بعد زمَان قصير وَلَا يجوز قِيَاسا على ذَلِك أَن يُبينهُ بعد زمَان طَوِيل وَالْكَلَام وَإِذا عطف بعضه على بعض جرى مجْرى الْجُمْلَة الْوَاحِدَة فبيان الْجُمْلَة الأولى عِنْد آخر الْكَلَام يجْرِي مجْرى بَيَانهَا عقبيها وَأما الْفِعْل الطَّوِيل وَالْكَلَام الطَّوِيل فانما يجوز وُقُوع الْبَيَان بهما مَعَ إِمْكَان الْبَيَان بالْكلَام الْقصير إِذا كَانَ فِي ذَلِك زِيَادَة مصلحَة وَمَعْلُوم أَنه يحسن بَيَان مَا لَا يفهم بِهِ شَيْء أصلا بِمثل ذَلِك وَلَا يجوز قِيَاسا عَلَيْهِ تَأْخِير بَيَانه الزَّمَان الطَّوِيل

وَمِنْهَا قَوْلهم لَو قبح تَأْخِير الْبَيَان لَكَانَ وَجه قبحه فقد تبين الْمُكَلف وَذَلِكَ يَقْتَضِي قبح الْخطاب إِذا لم يتبينه الْمُكَلف وَإِن بَين لَهُ وَسَوَاء أَتَى فِي ذَلِك من قبيل نَفسه أَو من قبيل غَيره أَلا ترى أَن الْإِنْسَان يسْقط تَكْلِيفه إِذا مَاتَ سَوَاء أَمَاتَهُ الله أَو قتل نَفسه ولمخالفهم أَن يَقُول إِنَّمَا قبح تَأْخِير الْبَيَان لِأَن فِيهِ فقد التَّمْكِين من التبين لَا فقد التبين وَهَذَا غير قَائِم إِذا بَين لَهُ فَلم يتَبَيَّن لتقصير مِنْهُ فِي النّظر وَأما الْمَيِّت فَإِنَّمَا سقط عَنهُ التَّكْلِيف لفقد تمكنه من الْفِعْل سَوَاء قتل نَفسه أَو أبطل الله سُبْحَانَهُ حَيَاته وعَلى أَن ذَلِك منتقض بدنو حَال الْفِعْل لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن لَا يبين لَهُ وَإِن كَانَ لَو بَين لَهُ فَلم يتَبَيَّن لم يُوجب ذَلِك قبح التَّكْلِيف وَلَا قبح الْبَيَان

وَمِنْهَا قَوْلهم لَو قبح تَأْخِير بَيَان الْمُجْمل لَكَانَ وَجه قبحه أَنه لَا يُمكن

<<  <  ج: ص:  >  >>