للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّامع لَهُ أَن يعرف بِهِ كَمَال المُرَاد وَلَو قبح لذَلِك لقبح تَأْخِير بَيَان النّسخ وَبَيَان كَون الْمُكَلف غير مُرَاد بِالْخِطَابِ إِذا كَانَ الْمَعْلُوم أَنه يعجز أَو يَمُوت وَهَذِه الدّلَالَة صَحِيحَة وَقد أجَاب قَاضِي الْقُضَاة عَنْهَا بِأَن تَأْخِير النّسخ وَبَيَان كَون الْمُكَلف غير مُرَاد بِالْخِطَابِ لَا يخل بالمعرفة بِصفة مَا كلفناه فَلَا يخل بالتمكن من الْفِعْل فِي وقته وَلَيْسَ كَذَلِك تَأْخِير بَيَان صفة الْعِبَادَة لِأَن الْجَهْل بصفتها لَا يُمكن مَعَه أَدَاؤُهَا فِي وَقتهَا وَلقَائِل أَن يَقُول وَكَذَلِكَ تَأْخِير بَيَان صفة الْعِبَادَة عَن وَقت الْخطاب إِلَى وَقت الْحَاجة لَا يخل بأَدَاء الْعِبَادَة فِي وَقتهَا

وَمِنْهَا قَوْلهم لَو قبح تَأْخِير بَيَان الْعُمُوم لقبح تَأْخِير بَيَان النّسخ وَتَأْخِير بَيَان الْمُكَلف لِلْعِبَادَةِ أَو تَأْخِير بَيَان التَّخْصِيص يخل الْعلم باستغراق الْعُمُوم الْأَشْخَاص كَمَا أَن تَأْخِير بَيَان النّسخ يخل بِالْعلمِ باستغراق الْخطاب والأوقات وَالْجَوَاب أَنه لَا يجوز بَيَان ذَلِك كُله إِلَّا مَعَ الْإِشْعَار بالنسخ وتجويز كَون الْمُكَلف مِمَّن يَمُوت والإشعار بالتخصيص وَقد تقدم بَيَان ذَلِك وَقد فصل قَاضِي الْقُضَاة بَين تَأْخِير بَيَان النّسخ وَبَين بَيَان التَّخْصِيص بِأَن الْخطاب الْمُطلق مَعْلُوم أَن حكمه مُرْتَفع لعلمنا بِانْقِطَاع التَّكْلِيف وَلَيْسَ كَذَلِك التَّخْصِيص وَلقَائِل أَن يَقُول إِن الله عز وَجل لَو قَالَ صلوا كل يَوْم جُمُعَة لَكِن ظَاهره يَقْتَضِي الدَّوَام ولوجب أَن يخرج مِنْهُ مَا بعد الْمَوْت لدلَالَة وَيبقى الْبَاقِي على ظَاهره فان جَازَ أَن يكون حكم الْخطاب مرتفعا مَعَ الْحَيَاة والتمكن وَلَا يدل الله سُبْحَانَهُ على ذَلِك وَإِن كَانَ ظَاهر الْخطاب يتَنَاوَلهُ جَازَ مثله فِي الْعُمُوم إِن قيل إِنَّمَا جَازَ تَأْخِير بَيَان النّسخ لِأَنَّهُ بَيَان مَا لم يرد بِالْخِطَابِ قيل وَلم إِذا كَانَ كَذَلِك جَازَ تَأْخِيره وعَلى أَن تَأْخِير التَّخْصِيص هُوَ تَأْخِير بَيَان مَا لم يرف بِالْعُمُومِ فَلَا فرق بَينهمَا فَإِن قيل إِن التَّخْصِيص وَإِن كَانَ بَيَان مَا لم يردهُ الْمُتَكَلّم بِالْعبَادَة فان تَأْخِيره يقْدَح فِي الْعلم بِمن أَرَادَهُ الْمُتَكَلّم بِالْخِطَابِ لأَنا إِذا جَوَّزنَا أَن يكون قد أُرِيد بِالْعُمُومِ بعض لم يبين لنا لم نَأْمَن فِي كل شخص أَن يكون مَا أُرِيد بِالْخِطَابِ وَفِي ذَلِك شكنا فِي الْأَشْخَاص الَّذين أَرَادَهُم الْمُتَكَلّم قيل هَذَا قَائِم فِي النّسخ لِأَن الْخطاب إِذا أَفَادَ ظَاهره إِيجَاب الصَّلَاة فِي كل يَوْم جُمُعَة وَجوز تَأْخِير بَيَان النّسخ قطعا على أَن الصَّلَاة فِي الْجُمُعَة الأولى مُرَاده

<<  <  ج: ص:  >  >>