للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي ذكر القادرين الَّذين يجوز مِنْهُم الْأَفْعَال الْحَسَنَة والقبيحة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اعْلَم أَن كل قَادر بِمَا يُعلمهُ الْعَاقِل أَنه قَادر مُمَيّز فانه يقدر على إِيجَاد الْأَفْعَال على كل وَجه من قبح وَحسن وَوُجُوب وَغير ذَلِك وكل قَادر فَإنَّا نجوز مِنْهُ فعل الْحسن إِلَّا من أخبر الله وَرَسُوله بِأَنَّهُ لَا يَفْعَله فَأَما الْقَبِيح فان الله تَعَالَى لَا يَفْعَله لحكمته وَلَا تَفْعَلهُ مَلَائكَته لِأَنَّهَا معصومة مِنْهُ وَقد أخبر الله تَعَالَى ذَلِك بقوله {لَا يعصون الله مَا أَمرهم ويفعلون مَا يؤمرون} وَجَمَاعَة الْأمة أَيْضا لَا يجوز عَلَيْهَا الْخَطَأ وَأما الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم فانه لَا يجوز عَلَيْهِم مَا يُؤثر فِي الْأَدَاء وَلَا مَا يُؤثر فِي التَّعْلِيم وَلَا فِي الْقبُول وَهُوَ التنفير وَيدخل فِي الأول أَن لَا يجوز عَلَيْهِم الْكَذِب فِيمَا يؤدونه وَلَا الكتمان وَلَا السَّهْو فِي حَال الْأَدَاء لِأَن تِلْكَ الْحَال حَال تلقى الْفُرُوض فوقوع السَّهْو فِيهَا يغري باعتقاد كَون الْعِبَادَة على مَا أوردهَا وَيجوز أَن يسهو فِيمَا تقدم بَيَانه وَلَا بُد من إِزَالَة ذَلِك السَّهْو فِي الْحَال وَلِهَذَا لما سهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صلَاته لم يعْتَقد أَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم أَن الصَّلَاة تَغَيَّرت بل شكوا فِي ذَلِك حَتَّى سَأَلَهُ ذُو الْيَدَيْنِ وَيدخل فِي الثَّانِي أَن يعرف من أَمر الدّين مَا إِذا سُئِلَ عَنهُ كَانَ عِنْده جَوَابه وَيجوز أَن لَا يعرف مَا غمض من الشّبَه وَلَكِن يجب أَن يكون مِمَّن إِذا سُئِلَ عَن شُبْهَة أمكنه حلهَا وَيدخل فِي الثَّالِث أَن لَا يجوز عَلَيْهِ الكابئر وَلَا الصَّغَائِر المسخفة قبل النُّبُوَّة وَبعدهَا وَالْكذب فِي عير مَا يُؤَدِّيه فَهُوَ إِمَّا كَبِيرَة وَإِمَّا صَغِيرَة وَكِلَاهُمَا ينفران وَيدخل فِي ذَلِك أَن لَا يجوز عَلَيْهِ الفظاظة والغلظة وَكثير من الْمُبَاحَات القادحة فِي التَّعْظِيم الصارفة عَن الْقبُول وَيدخل فِيهِ قَول الشّعْر وَالْكِتَابَة إِذْ كَانَ معْجزَة الفصاحة والإخبار عَن الغيوب

<<  <  ج: ص:  >  >>