- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي معنى التأسي والاتباع والموافقة والمخالفة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اعْلَم أَنه لما تعبد بالتأسي بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وباتباعه وَكَانَت الْمُوَافقَة والمخالفة تذكران فِي الِاحْتِجَاج فِي هَذِه الْمسَائِل الَّتِي نَحن بسبيلها وَجب ذكر مَعَاني هَذِه الْأَلْفَاظ لنعقلها
أما التأسي بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد يكون فِي فعله وَفِي تَركه أما التأسي بِهِ فِي الْفِعْل فَهُوَ أَن نَفْعل صُورَة مَا فعل على الْوَجْه الَّذِي فعل لأجل أَنه فعل والتأسي بِهِ فِي التّرْك وَهُوَ أَن نَتْرُك مثل مَا ترك على الْوَجْه الَّذِي ترك لأجل أَنه ترك وَإِنَّمَا شرطنا أَن تكون صُورَة الْفِعْل وَاحِدَة لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو صَامَ وصلينا لم نَكُنْ متأسين بِهِ وَأما الْوَجْه الَّذِي وَقع عَلَيْهِ الْفِعْل فَهُوَ الْأَغْرَاض والنيات فَكل مَا عَرفْنَاهُ أَن غَرَض فِي الْفِعْل اعتبرناه وَيدخل فِي ذَلِك نِيَّة الْوُجُوب وَالنَّفْل أَلا ترى أَنه لَو صَامَ وَاجِبا فتطوعنا بِالصَّوْمِ لم نَكُنْ متأسين بِهِ وَكَذَلِكَ لَو تطوع بِالصَّوْمِ فافترضنا بِهِ وَإِذا لم يكن لَهُ فِي الْفِعْل غَرَض مَخْصُوص لم يجب اعْتِبَاره لِأَنَّهُ لوأزال النَّجَاسَة لَا لأجل الصَّلَاة لم يجب إِذا تأسينا بهَا فِي إِزَالَتهَا أَن ننوي بِهِ ذَلِك وَقد يدْخل الْمَكَان فِي مثل الزَّمَان فِي الْأَغْرَاض وَقد لَا يدخلَانِ فِيهِ فَمَتَى علمنَا كَونهمَا غرضين اعتبرناهما وَإِلَّا لم نعتبر أَمْثَال ذَلِك الْوُقُوف بِعَرَفَة وَصَوْم شهر رَمَضَان وَصَلَاة الْجُمُعَة وَالزَّمَان وَالْمَكَان غرضان فِي هَذَا الْأَفْعَال فاعتبرناهما فِي التأسي وَمِثَال الثَّانِي أَن يتَّفق من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتَصَدَّق بيمناه فِي زمَان مَخْصُوص وَمَكَان مَخْصُوص فَإنَّا نَكُون متأسين بِهِ إِذا تصدقنا فِي غير ذَلِك الْمَكَان وَالزَّمَان وباليد الْيُسْرَى وَإِنَّمَا شرطنا أَن نَفْعل الْفِعْل لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو صلى فصلى مثل صلَاته رجلَانِ من أمته لأجل أَنه صلى لوصف كل وَاحِد مِنْهُمَا بِأَنَّهُ متأس بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يُوصف كل وَاحِد مِنْهُمَا بِأَنَّهُ متأس بِالْآخرِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن التأسي يكون فِي التّرْك لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute