ترك الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس فتركناها فِي هَذَا الْوَقْت لأجل تَركه كُنَّا متأسين بِهِ وَلَيْسَ من شَرط التأسي أَن يَسْتَفِيد المتأسي صُورَة الْفِعْل وَوَجهه مِمَّن يتأسى بِهِ لأَنا موصوفون بِأَنا نتأسى بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّبْر على الشدائد وَالشُّكْر على النعم إِذا فعلنَا ذَلِك لأجل فعله وَإِن لم نستفد صُورَة ذَلِك مِنْهُ وَلَا وَجهه وَلَيْسَ يمْتَنع أَن نَفْعل ذَلِك لأجل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعله ولعلمنا بِوُجُوبِهِ أَو حسنه من جِهَة الْعقل وَذكر أَبُو عَليّ بن خَلاد رَحمَه الله أَن الْفِعْل الَّذِي وَقع التأسي فِيهِ يجوز كَونه حسنا من الثَّانِي قبيحا من الأول لِأَن نَصْرَانِيّا لَو مَشى إِلَى الْبيعَة ليفعل فِيهَا مَا يَفْعَله النَّصْرَانِي فَتَبِعَهُ مُسلم ليرد وَدِيعَة كَانَت عِنْده فِي الْبيعَة كَانَ متأسيا بِهِ وَالْمَشْي حسن من الْمُسلم قَبِيح من النَّصْرَانِي وَهَذَا لَا يَصح لِأَنَّهُ لَا يكون متأسيا بِهِ مَعَ اخْتِلَاف الغرضين
وَذكر الشَّيْخ أَبُو عبد الله رَحمَه الله أَنه يَنْبَغِي أَن يعْتَبر الْمَكَان الَّذِي وَقع الْفِعْل فِيهِ إِلَّا أَن يدل دلَالَة على أَنه لَا اعْتِبَار بِهِ وَذكر قَاضِي الْقُضَاة أَن اعْتِبَار الزَّمَان وَالْمَكَان يمْنَع من التاسي لفَوَات الزَّمَان وَلِأَنَّهُ لَا يُمكن اجْتِمَاع شَخْصَيْنِ فِي مَكَان وَاحِد فِي زمَان وَاحِد وَهَذَا إِنَّمَا يمْنَع من اعْتِبَار زمَان معِين وَلَا يمْنَع من اعْتِبَار مثل الزَّمَان كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي وَقت صَلَاة الْجُمُعَة وَلَا يمْنَع من اعْتِبَار ذَلِك الْمَكَان فِي زمَان آخر وَلَا يمْنَع من اعْتِبَاره إِذا كَانَ الْمَكَان متسعا كعرفة وَالْوَاجِب اعْتِبَار الزَّمَان وَالْمَكَان بِحَسب الْإِمْكَان إِذا علم دخولهما فِي الْأَغْرَاض
وَذكر قَاضِي الْقُضَاة أَنه لَا اعْتِبَار بطول الْفِعْل وقصره لِأَن ذَلِك لَا يُمكن ضَبطه وَلقَائِل أَن يَقُول يجب اعْتِبَار ذَلِك بِحَسب الْإِمْكَان إِذا علم دُخُول ذَلِك فِي الْأَغْرَاض
فَأَما اتِّبَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد يكون فِي القَوْل وَقد يكون فِي الْفِعْل وَقد يكون فِي التّرْك فالاتباع فِي القَوْل هُوَ الْمصير إِلَى مُقْتَضَاهُ من وجوب أَو ندب أَو حظر لأَجله والاتباع فِي الْفِعْل أَو فِي التّرْك هُوَ إِيقَاع مثله فِي صورته على وَجهه لأجل أَنه أوقعه وَيُمكن أَن يُقَال اتِّبَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الْمصير إِلَى مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute