من غير اعْتِبَار الْوَجْه لزم أَن يجب علينا وَإِن علمنَا أَنه أوقع الْفِعْل على وَجه النّدب وَالْإِجْمَاع وَمَا وَجب على التأسي بِهِ يمنعان من ذَلِك وَلقَائِل أَن يَقُول مَا تنكرون أَن يكون مصلحتنا أَن نَفْعل لَا محَالة مثل مَا فعله إِذا لم نعلم الْوَجْه الَّذِي أوقوع الْفِعْل عَلَيْهِ وَإِذا عرفنَا أَنه أوقعه لَا على وَجه الْوُجُوب كَانَ فعلنَا لَهُ وَاجِبا مفْسدَة أَلا ترى أَن التَّصْرِيح بالتعبد لَو ورد بذلك لشاع وَلَيْسَ لأحد أَن يَقُول إِذا كُنَّا قد عرفنَا أَنه تنفل بِالْفِعْلِ كَانَ فعلنَا لمثله على وَجه الْوُجُوب مفْسدَة فَيجب إِذا أوقعناه على وَجه الْوُجُوب وَنحن لَا نعلم الْوَجْه الَّذِي أوقعه عَلَيْهِ أَن نَكُون مقدمين على مَا نَأْمَن من كَونه مفْسدَة لتجويزنا كَون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متنفلا بِهِ لِأَن للمخالف أَن يَقُول إيقاعنا الْفِعْل على الْوُجُوب إِذا لم نعلم الْوَجْه الَّذِي أوقع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفِعْل هُوَ الْمصلحَة وَإِن أوقعه على وَجه النّدب وَإِذا علمنَا ذَلِك من حَاله فإيقاعنا لَهُ على وَجه الْوُجُوب مفْسدَة
وَمِنْهَا أَنه لودل فعله على وجوب مثله علينا لدل ذَلِك مُطلقًا من غير اعْتِبَار وَقت لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يدل على وجوب مثله فِي ذَلِك الْوَقْت بِعَيْنِه لتعذر فعل مثله علينا فِي ذَلِك الْوَقْت وَلَا يُمكن أَن يدل على وجوب مثله فِي مثل ذَلِك الْوَقْت لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَن يدل على ذَلِك أولى من أَن يدل على وجوب مثله فِي أقرب الْأَوْقَات إِلَيْهِ فصح أَن لَو دلّ على وجوب مثله لدل عَلَيْهِ مُطلقًا فَوَجَبَ إِذا فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلا ثمَّ تَركه وَفعل ضِدّه أَن يدل فعله وَفعل ضِدّه على وجوب الْفِعْل وضده علينا فِي حَالَة وَاحِدَة وَذَلِكَ يَسْتَحِيل وَلَا يلْزم على ذَلِك أَن يجب علينا الْفِعْل وضده إِذا أمرنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ وَأمْسك عَن الْأَمر بِهِ لِأَن إِمْسَاكه عَن الْأَمر بِهِ لَيْسَ بمشارك لِلْأَمْرِ بِهِ فِي صيغته الْمَوْضُوعَة للْوُجُوب وضد الْفِعْل قد شَارك الْفِعْل فِي كَونه فعلا وَقد شَاركهُ فِي دلَالَته على الْوُجُوب وَلقَائِل أَن يَقُول إِن فعله إِمَّا أَن يدل على وجوب مثله فِي مثل وقته فَيلْزم أَن لَا يجب علينا أَن نَفْعل مثل مَا فعل فِي وقته ونفعل ضِدّه فِي مثل وَقت فعل ضِدّه وَلَيْسَ يَسْتَحِيل وجوب الْفِعْل وضده علينا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute