الْحَد والتعزيز على وَجه النكال تدل على أَن ذَلِك الْغَيْر قد اقدم على كَبِيرَة وإقامتها عَلَيْهِ على سَبِيل الامتحان لَا تدل على أَنه الْآن مُقيم على كَبِيرَة وقضاؤه على غَيره وَإِن كَانَ من قبيل ألأقوال فانه يَقْتَضِي لُزُوم مَا قضى بِهِ لِأَن الْقَضَاء هُوَ الْإِلْزَام
وَذكر قَاضِي الْقَضَاء أَن النَّاس اخْتلفُوا فِي حكمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن زيدا فَاضل أَو أَنه أفضل من غَيره هَل هُوَ على الظَّاهِر أَو على سَبِيل الْقطع فَمنهمْ من قَالَ بِالْأولِ وَمِنْهُم من قَالَ بِالثَّانِي وَكَذَلِكَ اخْتلفُوا فِي نسبته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيدا إِلَى عَمْرو هَل هُوَ على سَبِيل الْقطع أَو على الظَّاهِر وَذكر أَنهم لم يَخْتَلِفُوا فِي أَنه إِذا حكم على غَيره بِالدّينِ لَا يقطع بِهِ على الْبَاطِن فِي ذَلِك بل يكون حكما بِالظَّاهِرِ قَالَ فاما إِذا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لغيره هَذَا الْحق عَلَيْك فانه يكون على الْخلاف الْمُتَقَدّم وَقَالَ إِنَّه إِذا ملك غَيره شَيْئا فانه يملكهُ فِي الْحَقِيقَة لِأَن التَّمْلِيك يَقْتَضِي إِبَاحَة تصرف مَخْصُوص وَقَالَ إِذا أَبَاحَ الْإِنْسَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكل طَعَامه فاستباح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكله فانه لَا يدل على أَنه ملكه لَا محَالة لِأَنَّهُ يكْتَفى فِي اسْتِبَاحَة الْأكل بِظَاهِر الْيَد وَالتَّصَرُّف
فَأَما تَركه النكير على الْفِعْل فضربان أَحدهمَا أَن يكون صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد دلّ من قبل على قبحه وَأقر فَاعله عَلَيْهِ كاختلاف أهل الْكتاب إِلَى كنائسهم وَمَتى كَانَ كَذَلِك فانه لَا يدل ترك النكير عَلَيْهِم على حسنه وَرضَاهُ بِهِ وَالْآخر أَن لَا يكون قد علم من دينه الْإِقْرَار على ذَلِك الْفِعْل وَذَلِكَ يلْزم إِنْكَاره سَوَاء تقدّمت الدّلَالَة على قبحه أَو لم تتقدم لِأَنَّهُ لم تتقدم الدّلَالَة على ذَلِك فَترك إِنْكَاره يَقْتَضِي حسنه إِذْ لَو كَانَ مُنْكرا لبين قبحه وَإِن تقدّمت الدّلَالَة على ذَلِك فَترك إِنْكَاره أَيْضا يَقْتَضِي حسنه لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يُقَال إِنَّه قَبِيح وَإِنَّمَا لم يُنكره لِأَنَّهُ غلب على ظَنّه أَن إِنْكَاره غير مُؤثر لِأَن إِنْكَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا بُد من أَن يُؤثر لِأَنَّهُ لَيْسَ كانكار غَيره هَكَذَا ذكر قَاضِي الْقُضَاة وَهَذَا صَحِيح إِذا كَانَ فَاعل الْقَبِيح يعْتَقد نبوته فَأَما من ينطوي على تَكْذِيبه