مثله فِي مَكَان آخر مجْرى حُصُوله وَذَلِكَ يدلنا على أَن اسْم النّسخ مَوْضُوع للنَّقْل فَلهَذَا تجوزوا بِهِ فِيمَا يشبه النَّقْل وَلَو كَانَ حَقِيقَة للإزالة لم يسموا الْكتاب مَنْسُوخا لِأَنَّهُ غير مزال وَلَا شبه المزال وَالْجَوَاب أَنه لَا يمْتَنع أَن يكون حَقِيقَة للإزالة فَاسْتعْمل فِي النَّقْل من حَيْثُ كَانَ النَّقْل مزيلا للمنقول عَن مَكَانَهُ وَإِن حصل فِي مَكَان آخر ثمَّ اسْتعْمل فِي نسخ الْكتاب من حَيْثُ شكل الْمَنْقُول من الْوَجْه الَّذِي ذكر السَّائِل فَيكون اسْتِعْمَال ذَلِك فِي الْكتاب تَشْبِيها بِوَجْه الْمجَاز واستعماله فِي الْمجَاز تَشْبِيها بِالْحَقِيقَةِ وَهُوَ المزال فان قيل وَصفهم الرّيح بِأَنَّهَا ناسخة للآثار وَالشَّمْس بِأَنَّهَا ناسخة للظل مجَاز أَيْضا لِأَن النَّاسِخ للآثار والظل هُوَ الله سُبْحَانَهُ فَاعل الشَّمْس وَالرِّيح قيل لَا يمْتَنع أَن يكون الله سُبْحَانَهُ هُوَ النَّاسِخ لذَلِك من حَيْثُ فعل سَبَب الْإِزَالَة وَتَكون الشَّمْس وَالرِّيح موصوفان على الْحَقِيقَة بِأَنَّهُمَا ناسخان من حَيْثُ اختصاصهما بِسَبَب الْإِزَالَة على أَن أهل اللُّغَة لَو كَانُوا اعتقدوا أَن الشَّمْس هِيَ الفاعلة للإزالة ثمَّ اضافوا النّسخ إِلَيْهَا لوَجَبَ اتباعهم فِي تَسْمِيَة هَذِه الْإِزَالَة نسخا وَلَا نتبعهم فِي اعْتِقَادهم أَن الشَّمْس وَالرِّيح فاعلان على أَنه لَا يمْتَنع أَن يكون وصف الشَّمْس بِأَنَّهَا ناسخة مجَازًا وَكَون هَذَا الْوَصْف مجَازًا لَا يُوجب كَون وَصفهم الْإِزَالَة نسخا مجَازًا
فَأَما اسْتِعْمَال اسْم النّسخ فِي الشَّرْع فَعِنْدَ الشَّيْخ أبي عبد الله أَنه مَنْقُول إِلَى معنى فِي الشَّرْع وَلَا ييجري عَلَيْهِ على سَبِيل التَّشْبِيه بِالْمَعْنَى اللّغَوِيّ لِأَنَّهُ يُفِيد فِي الشَّرْع معنى مُمَيّزا فَجرى مجْرى اسْم الصَّلَاة وَعند الشَّيْخ أبي هَاشم أَنه يُفِيد معنى فِي الشَّرْع على طَرِيق التَّشْبِيه باللغة وَذَلِكَ أَنه يُفِيد إِزَالَة مثل الحكم الْمُتَقَدّم كَمَا يُفِيد فِي اللُّغَة الْإِزَالَة إِلَّا أَن الشَّرْع قصره على إِزَالَة مثل الحكم الثَّابِت بطريقة شَرْعِيَّة على وَجه مَخْصُوص فَجرى مجْرى قَوْلنَا دَابَّة فِي أَنه غير مَنْقُول لكنه مَخْصُوص بِبَعْض مَا يدب