للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي حَقِيقَة النَّاسِخ والمنسوخ والنسخ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اعْلَم أَن غرضنا أَن نحد الطَّرِيق النَّاسِخ وَلما كَانَ قَوْلنَا نَاسخ يَقع على الطَّرِيق وعَلى غَيره وَجب أَن نذْكر مَا يَقع عَلَيْهِ هَذَا الِاسْم ثمَّ نعمد إِلَى الطَّرِيق النَّاسِخ فنحده فَنَقُول

إِن الناصب للدلالة الناسخة يُوصف بِأَنَّهُ نَاسخ فَيُقَال إِن الله عز وَجل نسخ التَّوَجُّه إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَهُوَ نَاسخ ويوصف الحكم بِأَنَّهُ نَاسخ فَيُقَال إِن وجوب صَوْم شهر رَمَضَان نَاسخ صَوْم عَاشُورَاء ويوصف المعتقد لنسخ الحكم أَنه نَاسخ فَيُقَال فلَان ينْسَخ الْكتاب بِالسنةِ يعْتَقد ذَلِك ويوصف الطَّرِيق بِأَنَّهُ نَاسخ فَيُقَال إِن الْقُرْآن نَاسخ للسّنة وَقد حد قَاضِي الْقُضَاة الطَّرِيق النَّاسِخ بِأَنَّهُ مَا دلّ على أَن مثل الحكم الثَّابِت بِالنَّصِّ غير ثَابت على وَجه لولاه لَكَانَ ثَابتا مَعَ تراخيه عَنهُ وغرضه بِهَذَا الْحَد أَن يتَنَاوَل كل مَا كَانَ طَرِيقا إِلَى النّسخ سَوَاء كَانَ خَبرا متواترا أَو غير متواتر وَهَذَا الْحَد يخرج مِنْهُ خبر الْوَاحِد إِذا نسخ الحكم لِأَنَّهُ لَا يُوصف بِأَنَّهُ دَلِيل على الْحَقِيقَة وَيخرج مِنْهُ مَا دلّ على نسخ الحكم الثَّابِت بِالْعقلِ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو فعل فعلا وَعلمنَا من قَصده أَن وُجُوبه يتَعَدَّى إِلَيْنَا لَوْلَا دَلِيل نَاسخ فَإِن مَا دلّ على إِزَالَته يُوصف بِأَنَّهُ نَاسخ وَإِن لم يرفع مَا ثَبت بِنَصّ وَيلْزم أَن يكون الْعَجز نَاسِخا لِأَنَّهُ يدل على أَن مثل الحكم الثَّابِت بِالنَّصِّ غير ثَابت وَيلْزم أَن تكون الْأمة إِذا اخْتلفت على قَوْلَيْنِ وسوغت للعامي تَقْلِيد كل وَاحِد من الطَّائِفَتَيْنِ ثمَّ أَجمعت على أحد الْقَوْلَيْنِ أَن يكون ذذلك نسخا لِأَنَّهَا كَانَت نصت على إِبَاحَة تَقْلِيد الطَّائِفَة الْأُخْرَى وَيَنْبَغِي أَن نحد الطَّرِيق النَّاسِخ بِأَنَّهُ قَول صادر عَن الله عز وَجل أَو مَنْقُول عَن رَسُول الله أَو فعل مَنْقُول عَن رَسُوله يُفِيد إِزَالَة مثل الحكم الثَّابِت بِنَصّ صادر عَن الله أَو بِنَصّ أَو فعل منقولين عَن رَسُوله مَعَ تراخيه عَنهُ على

<<  <  ج: ص:  >  >>