للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَادة تمنع فِي الْأَخْبَار الْكَثِيرَة أَن يكذب رواتها على كثرتها وَاخْتِلَافهمْ وكثرتهم وَلَيْسَ جَمِيع مَا يروي عَنهُ صلوَات الله عَلَيْهِ صدقا لما رُوِيَ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ سيكذب عَليّ فان كَانَ هَذَا الْخَبَر صدقا فقد كذب عَلَيْهِ وَإِن كَانَ كذبا فقد كذب عَلَيْهِ فِيهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَقد كَانَ السّلف يُنكرُونَ كَثْرَة الرِّوَايَة وَحكي عَن شُعْبَة أَنه قَالَ ثلث الحَدِيث كذب وَكثير مِمَّا يتَضَمَّن الْجَبْر والتشبيه مَا لَا يُمكن تَأْوِيله إِلَّا بتعسف شَدِيد لَا يتَعَذَّر مثله فِي كل كَلَام متناقض وَذَلِكَ يمْنَع أَن يَقُوله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يمْنَع أَن يكون من روى ذَلِك من الْمُتَأَخِّرين فقد تعمد الْكَذِب وَلَا يمْتَنع أَن يثبت أَن بعض الصَّحَابَة الَّذِي رَوَاهَا أَن يكون لحقه سَهْو وَغلط وَأَن يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَكَاهُ عَن غَيره وَظن الرَّاوِي أَنه حَكَاهُ عَن نَفسه أوخرج عَن سَبَب بِغَيْر فَائِدَته أَو تقدمه مَا يعين حكمه وَلِهَذَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل عَلَيْهِ دَاخل وَهُوَ فِي حَدِيث ابتدا أَوله لِأَن معنى الحَدِيث يتَغَيَّر بِحَسب أَوله وَلما ذكرنَا قَالَت عَائِشَة فِيمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ ولد الزِّنَا شَرّ الثَّلَاثَة والتاجر فَاجر إِنَّمَا عني صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَاجِرًا دلّس وَولد زنا سبّ أمه وَقَالَت فِيمَا رُوِيَ عَنهُ الشؤم فِي ثَلَاث الْمَرْأَة وَالدَّار وَالْفرس أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَكَاهُ عَن غَيره وَأنْكرت مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن الْمَيِّت يتعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَن يواصل رِوَايَة هَذِه الْأَخْبَار وأمثالها لتَكون مضبوطة فَيمْتَنع الزِّيَادَة فِيهَا وَلَو أهملت رِوَايَتهَا لأمكن أَن يزْدَاد فِيهَا فاذا أنكرها مُنكر قَالَ الرَّاوِي إِنَّمَا لم يعرف مَا رويته لِأَنَّهُ مِمَّا أهملت رِوَايَته وَيَنْبَغِي لراويها أَن يتأولها لمن يَرْوِيهَا لَهُ إِن كَانَ يضعف عَن تَأْوِيلهَا أَو يبين لَهُ بُطْلَانهَا إِن لم يُمكن تَأْوِيلهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي بَيَان وُقُوع الْعلم بالأخبار وَبَيَان صفة الْعلم الْوَاقِع بالتواتر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

أما خبر الله عز وَجل وَخبر رَسُوله وأخبار الْأمة فانما وَقع الْعلم لمخبرها لِأَن حِكْمَة الله تَقْتَضِي صدقه فِي إخْبَاره وَصدق من أظهر عَلَيْهِ المعجز وَأخْبر

<<  <  ج: ص:  >  >>