للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بُد من أَن يكون لإنكاره على من يعْتَقد نبوته تَأْثِير وَإِن كَانَ مَا أخبر عَنهُ الْمخبر من أُمُور الدُّنْيَا فسكوته عَن تَكْذِيبه يَقْتَضِي كَونه عَالما بصدقه أَو غير عَالم بصدقه وَلَا بكذبه وَلَا يجوز كَونه عَالما بكذبه وَلَا يُنكر ذَلِك عَلَيْهِ فان علمنَا أَنه لَا يخفي عَلَيْهِ صدقه من كذبه فسكوته دَلِيل على صدقه لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَاذِبًا لَكَانَ مَا أَتَاهُ قبيحا يلْزم إِنْكَاره كَسَائِر الْمُنكر

فَأَما خبر الْوَاحِد إِذا أَجمعت الامة على مُقْتَضَاهُ وحكمت بِصِحَّتِهِ فانه يقطع على صِحَّته لِأَنَّهَا لَا تجمع على خطأ وَإِن لم تحكم بِصِحَّتِهِ فَعِنْدَ الشَّيْخ أبي هَاشم وَأبي الْحسن وَأبي عبد الله رَحِمهم الله أَن الْأمة لَا تجمع على مُقْتَضى خبر الْوَاحِد إِلَّا وَقد قَامَت بِهِ الْحجَّة وَعند غَيرهم أَنه لَا تكون الْحجَّة قد قَامَت بِهِ وَلَا مَقْطُوعًا على معينه لِأَن الامة إِذا اعتقدت وجوب الْعَمَل بالْخبر المظنون لم يسْتَحل أَن يروي لَهَا خبر وَاحِد قد تكاملت فِيهِ شَرَائِط الْعَمَل فتعمل بِهِ لِأَن الْعَمَل يتبع الاعتقادات وَلِهَذَا جَازَ أَن يجمعوا على الحكم بِالِاجْتِهَادِ لما كَانُوا قد اتَّفقُوا على وجوب الْعَمَل بِهِ وَجَوَاز ذَلِك فِي خبر الْوَاحِد أولى لِأَنَّهُ أظهر

فان قَالُوا إِذا أجمعنا على وجوب الِاجْتِهَاد قَطعنَا على الِاجْتِهَاد قيل إِن أردتم أَنكُمْ تقطعون على أَن الأمارة كَانَت مَقْطُوعًا بحكمها قبل الْإِجْمَاع لم يَصح لِأَن الأمارة لم تكن دلَالَة وَإِن أردتم أَن الأمارة بعد الْإِجْمَاع يقطع على تعلق الحكم بهَا فَلَيْسَ لذَلِك معنى إِلَّا أَن الحكم مَقْطُوع بِهِ لَا يجوز خِلَافه وَهَكَذَا نقُول فِي حكم الْخَبَر الْمجمع عَلَيْهِ وَذَلِكَ غير القَوْل بِأَن الْخَبَر قد قَالَه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحجَّة الْأَوَّلين هِيَ أَن الْعَادة جَارِيَة فِي أمتنَا أَنَّهَا لَا تجمع على مُقْتَضى خبر وَاحِد إِلَّا وَقد قَامَت الْحجَّة بِهِ أَلا ترى أَن مَا لم تقم الْحجَّة بِهِ لم يتفقوا على مُقْتَضَاهُ كَحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تطيب لحُرْمَة قبل إِحْرَامه وَحَدِيث بروع بنت واشق وَأما الْأَخْبَار عَن أصُول الصَّلَوَات والزكوات فانه لما قَامَت الْحجَّة بهَا أَجمعُوا على حكمهَا وَالْجَوَاب يُقَال لَهُم

<<  <  ج: ص:  >  >>