للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإخبارها بِمثل مَا أخبر بِهِ أَو طلب لسكوتها عَن تَكْذِيبه فسكوتها عَن تَكْذِيبه كالإخبار عَن تَصْدِيقه فاذا لم يجز أَن يخبر بصدقه وَهِي عَالِمَة أَنه كَاذِب فَكَذَلِك إِذا سكتت وَأَيْضًا فان نفوس النَّاس مُؤثرَة لتكذيب الْكذَّاب سِيمَا إِذا استشهدها وَمَتى كفت عَن ذَلِك وجدت فِي أَنْفسهَا ضَرَرا فاذا لم يكن فِي مُقَابلَة هَذَا صَارف وَجب أَن تكذبه بأجمعها أَو بَعْضهَا إِن كَانَ كَاذِبًا فاما أَن دَعَاهَا التدين أَو رَغْبَة إِلَى السُّكُوت فان ذَلِك لَا يَسْتَوِي للجماعات فِي إيثارهما على الْإِخْبَار بكذب الْمخبر إِذا علموه كذابا وَأما هَيْبَة السُّلْطَان فانها إِن منعت فِي الْحَال عَن تَكْذِيبه فانها لَا تمنع فِي الْمُسْتَقْبل فِي غير ذَلِك الْمجْلس وَلَا تمنع من إِظْهَار ذَلِك إِلَى الإخوان والأصدقاء فَلَا يلبث ذَلِك أَن يشيع وَيظْهر وَلِهَذَا لَا يطْمع السُّلْطَان فِي أهل بَغْدَاد أَن يشْتَهر بهم الْحَال فِي ترك تَكْذِيب الْمُدَّعِي أَن بَين الْبَصْرَة وبغداد بَلَدا أكبر مِنْهُمَا

فاما خبر الْمخبر بِحَضْرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانه إِمَّا أَن يَدعِي عَلَيْهِ مشاهدته أَو لَا يَدعِي ذَلِك فان ادَّعَاهَا فسكوت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرَّد عَلَيْهِ مَعَ كَونه كَاذِبًا موهم صدقه فاذا سُكُوته دَلِيل على صدقه وَإِن لم يدع مشاهدته فإمَّا أَن يكون مَا أخبر بِهِ من أُمُور الدّين أَو الدُّنْيَا فان كَانَ من الدّين فإمَّا أَن يكون قد علم خلاف ذَلِك من شَرعه أَو لم يعلم ذَلِك فان لم يعلم ذَلِك فسكوته دَلِيل على صدقه لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَاذِبًا لأوهم صدقه وَإِن كَانَ قد علم خلاف ذَلِك من شَرعه فاما أَن يكون ذَلِك مِمَّا يجوز أَن يتَغَيَّر شَرعه فِيهِ أَو لَا يجوز فان جَازَ تغيره كَانَ سُكُوته دَلِيلا على صدقه لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَاذِبًا لأوهم تغيره مَعَ أَنه مَا تغير وَلِأَن بسكوته قد ترك أَن يُنكر عَلَيْهِ فعلا قبيحا وَهُوَ كذبه وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يجوز أَن يتَغَيَّر شَرعه فِيهِ لم يجب إِنْكَاره إِذا لم يُؤثر إِنْكَاره لِأَنَّهُ لَا ايهام فِي سُكُوته وَلَا هُوَ ترك لما يُؤثر فِي إِزَالَة الْمُنكر وَلِهَذَا لَا يجب عَلَيْهِ مُوَاصلَة الْإِنْكَار على الْيَهُود وَالنَّصَارَى الَّذين كَانَ يشاهدهم يتظاهرون بانحرافهم إِلَى الْإِسْلَام وَإِن كَانَ يُؤثر إِنْكَاره فَلَا بُد من إِنْكَاره لوُجُوب إِنْكَار الْمُنكر إِذا أثر وَذَلِكَ نَحْو إِنْكَار الْمعاصِي على بعض أمته لِأَنَّهُ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>