للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جملَة الْقيَاس على أَن من يقيس الْمَرَاسِيل على الشَّهَادَة على الشَّهَادَة إِنَّمَا يقيس عَلَيْهَا فِي الْمَنْع لَا فِي جَوَاز الحكم فَلم يكن قائسا عَلَيْهَا من الْوَجْه الَّذِي منع مِنْهُ الْقيَاس وَقد فرق بَين الْمَرَاسِيل وَبَين الشَّهَادَة على الشَّهَادَة فَقيل إِن الْحَاكِم إِنَّمَا يحكم بِشَهَادَة شُهُود الأَصْل فَلهَذَا وَجب ذكرهم ولمخالفهم أَن يَقُول وَالْحكم بِلُزُوم الْعِبَادَة إِنَّمَا يَقع بِخَبَر الأول فَيجب ذكره فان قَالُوا كَيفَ نقُول ذَلِك وَعِنْدنَا أَنه لَا يجب ذكر الْمخبر الأول قيل إِنَّكُم تعلقون لُزُوم الْعِبَادَة بالمخبر الأول وَلِهَذَا تعتبرون عَدَالَته وتستدلون عَلَيْهِمَا بارسال الْمخبر الثَّانِي مَعَ عَدَالَته على أَنه إِن كَانَ لُزُوم الْعِبَادَة لَا يتَعَلَّق بالمخبر الأول لِأَنَّهُ لَا يجب ذكره فقد صَار ذَلِك تَابعا لكَونه غير وَاجِب ذكره فقد فرقتم بَين الْمَسْأَلَتَيْنِ بِمَا هُوَ مَبْنِيّ على مَوضِع الْخلاف لِأَن مَوضِع الْخلاف هُوَ أَنه لَا يجب ذكر الْمخبر الأول وَكَون الْمخبر الأول لَا يتَعَلَّق بِهِ الحكم وَالْعِبَادَة تَابع لذَلِك وَبِه فرقتم بَين الشَّهَادَة وَالْخَبَر وَقد فرق بَين الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضا بِأَن شُهُود الْفَرْع وكلاء شُهُود الأَصْل لِأَنَّهُ لَا يجوز لَهُم أَن يشْهدُوا على شَهَادَتهم إِذا سمعوهم يشْهدُونَ حَتَّى يحملوهم الشَّهَادَة كَمَا لَا يجوز للْوَكِيل التَّصَرُّف إِلَّا بعد أَن يؤكله المؤكل وَهَذَا فرق غير مُؤثر لِأَن المحتج جمع بَين الشَّهَادَة وَالْخَبَر بِالْعِلَّةِ الَّتِي ذكرهَا خَصمه فِي الْمَرَاسِيل وَهِي أَن عَدَالَة الرَّاوِي تَقْتَضِي أَنه مَا أرسل الحَدِيث إِلَّا وَهُوَ على غَايَة الثِّقَة بعدالة من أخبر عَنهُ وَهَذِه الْعَدَالَة قَائِمَة فِي الشُّهُود على مَا بَيناهُ

وَمِنْهَا أَنه لَو جَازَ الْعَمَل على الْمَرَاسِيل لم يكن لذكر أَسمَاء الروَاة والفحص عَن عدالتهم معنى وَالْجَوَاب أَن لَهُ معنى من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه إِذا ذكرهم الرَّاوِي أمكن السَّامع الفحص عَن عدالتهم فَيكون لظَنّه لعدالتهم آكِد من ظَنّه لعدالتهم لأجل إرْسَال الْمُرْسل لِأَن طمأنينة الْإِنْسَان إِلَى فحصه وخبرته أقوى من طمأنينته إِلَى خبر غَيره وَهَذَا الْجَواب يَقْتَضِي تَرْجِيح الْمسند على الْمُرْسل وَالْآخر أَن الرَّاوِي للْحَدِيث قد يشْتَبه عَلَيْهِ حَال من أخبرهُ فَلَا يقدم على تزكيته وَلَا على جرحه فيذكر ليفحص غَيره عَنهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>