للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا قَوْلهم لَو وَجب الْعَمَل بالمراسيل للزمنا فِي عصرنا هَذَا أَن نعمل على قَول الْإِنْسَان قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَا وَكَذَا وَإِن لم يذكر الروَاة الْجَواب إِن ذكر الْخَبَر إِن كَانَ مَعْرُوفا فِي جملَة الْأَحَادِيث فقد عرفت رُوَاته وَإِن لم يكن مَعْرُوفا لم يقبل لَا لِأَنَّهُ مُرْسل بل لِأَن الْأَحَادِيث قد ضبطت وجمعت فَمَا لَا يعرفهُ أَصْحَاب الحَدِيث مِنْهَا فِي وقتنا هُوَ كذب فان كَانَ الْعَصْر الَّذِي أرسل فِيهِ الرَّاوِي عصرا لم يضْبط فِيهِ السّنَن قبل مرسله

فَأَما قَول الشَّافِعِي رَحمَه الله إِن الْمُرْسل يقبل إِذا أسْندهُ الْمُرْسل أَو أسْندهُ غَيره فان أَرَادَ أَنه يقبل وَالْحجّة هُوَ الْخَبَر الْمسند فَصَحِيح على أَصله وَلَا تَأْثِير للمرسل وَإِن أَرَادَ أَنه يصير الْمُرْسل حجَّة فَلَيْسَ بِصَحِيح لِأَن مَا لَيْسَ بِحجَّة لَا يصير حجَّة إِذا اقترنت بِهِ حجَّة كَمَا أَن خبر الْوَاحِد لَا يصير طَرِيقا إِلَى الْعلم وَإِن عضدته آيَة أَو خبر متواتر وَأما قَوْله إِنَّه يعْمل على خبر الْمُرْسل إِذا أرْسلهُ غَيره مِمَّن يروي عَن غير مشائخه فَغير صَحِيح لِأَنَّهُ لَيْسَ يجوز أَن يَنْضَم مَا لَيْسَ بِحجَّة إِلَى مَا لَيْسَ بِحجَّة فَيصير حجَّة إِذْ كل وَاحِدَة من الرِّوَايَتَيْنِ مُرْسلَة وَكَذَلِكَ قَوْله إِذا عضد الْمُرْسل قَول بعض الصَّحَابَة أَو فَتْوَى أَكثر أهل الْعلم لِأَن ذَلِك غير حجَّة وَلَا يصير الْمُرْسل بِهِ حجَّة فان جعل قَول بعض الصَّحَابَة حجَّة فَالْكَلَام عَلَيْهِ مَا تقدم

وَقد حكى بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي عَنهُ أَنه خص مَرَاسِيل الصَّحَابَة بِالْقبُولِ وَحكى قَاضِي الْقُضَاة عَنهُ أَنه قَالَ إِذا قَالَ الصَّحَابِيّ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَا وَكَذَا قبلت ذَلِك إِلَّا أَن أعلم أَنه أرْسلهُ وَالدَّلِيل على بطلَان تَخْصِيص الصَّحَابَة بذلك أَن مَا دلّ على قبُول الْمَرَاسِيل يشْتَمل من كَانَ عدلا من الروَاة صحابيا كَانَ أَو غَيره وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ لَا يدل على أَن غَيرهم لَا يقبل مرسله كَمَا لَا يدل على أَن غَيرهم لَا يقبل مُسْنده وَقَوْلهمْ إِن الصَّحَابِيّ لَا يُطلق القَوْل بِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَذَا وَكَذَا إِلَّا وَقد سَمعه أَو حَدثهُ عَنهُ الثِّقَة فانه يُقَال لَهُم وَلم وَجب ذَلِك فيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>