فَيَنْبَغِي أَن ينظر فِي الْموضع الَّذِي أَجمعُوا عَلَيْهِ فِيهِ فان تنَاول هَذِه الْمَسْأَلَة قضى بِهِ وَلَا ينْقل مِنْهُ إِلَى مَوضِع آخر إِلَّا لدلَالَة فان قُلْتُمْ قد عمِلُوا بِهِ مَعَ مُعَارضَة عُمُوم الْكتاب كَانَ رُجُوعا إِلَى دَلِيل آخر
فان قيل إِجْمَاع الصَّحَابَة على الْعَمَل بِهِ يَكْفِي فِي وجوب الْعَمَل بِهِ فِي كل مَوضِع من الدّلَالَة أَلا ترى أَنهم لَو أَجمعُوا على قبُوله فِي الصَّلَاة لدل ذَلِك على قبُوله فِي فرع من فروع الصّيام قيل إِنَّمَا يدل قبولهم لَهُ فِي فرع من فروع الصَّلَاة على قبُوله فِي غير ذَلِك من الْفُرُوع لِأَنَّهُ لَا فرق بَين الْمَوْضِعَيْنِ وَلَيْسَ يُمكن أَن يُقَال لَا فرق بَين الْعَمَل بِهِ مَعَ مُعَارضَة عُمُوم الْكتاب لَهُ وَمَعَ فقد ذَلِك وَإِن الْحَال فِي خبر الْوَاحِد مَعَ مُعَارضَة دَلِيل شَرْعِي كالحال فِيهِ إِذا لم يُعَارضهُ ذَلِك أَلا ترى أَن كثيرا من الْعلمَاء قد فرق بَينهمَا
فان قيل إِنَّا نستدل باجماع الصَّحَابَة على ان الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد مَعْلُوم إِذا انْفَرد كَمَا أَن الْعَمَل باستغراق الْعُمُوم مَعْلُوم إِذا انْفَرد ثمَّ نقُول فاذا اجْتمعَا لم يجز إطراح أَحدهمَا وَالْعَمَل بهما لَا يُمكن إِلَّا مَعَ التَّخْصِيص قيل إِذا كَانَ الْعَمَل بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا مَعْلُوما إِذا انْفَرد جَازَ أَن يكون الْعَمَل بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا مَعْلُوما مَعَ التَّعَارُض وَجَاز أَن يكون الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد مَعْلُوما بِشَرْط أَن لَا يُعَارضهُ الْعُمُوم وَإِذا جَازَ كلا الْأَمريْنِ وَجب التَّوَقُّف فَمن أَيْن قطعْتُمْ على وجوب الْعَمَل بهما وَأَنْتُم المستدلون وَأَيْضًا فان عُمُوم الْكتاب مَعْلُوم وجوب الحكم باستغراقه إِلَّا أَن يُعَارضهُ مَا يكون حكمه مَعْلُوما عِنْد مُعَارضَة الْعُمُوم فاذا لم يثبت لكم ذَلِك فِي خبر الْوَاحِد لأنكم لم تثبتوا أَن الصَّحَابَة أَجمعت على الْعَمَل فِي هَذَا الْموضع وَجب الْقَضَاء باستغراق الْعُمُوم