للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا قَول الصَّحَابِيّ كَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا

وَمِنْهَا أَن يَقُول الصَّحَابِيّ قولا لَا مجَال للِاجْتِهَاد فِيهِ

أما قَول الصَّحَابِيّ أمرنَا أَن نَفْعل كَذَا أَو نهينَا عَن كَذَا فَذهب الشَّافِعِي وَالشَّيْخ أَبُو عبد الله وقاضي الْقُضَاة أَنه يُفِيد أَن الْآمِر هُوَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن لَيْسَ ذَلِك هُوَ الظَّاهِر بل يجوز أَن يكون الْآمِر غَيره وَحمل على ذَلِك قَول الرَّاوِي أَمر بِلَال أَن يشفع الْأَذَان ويوتر الْإِقَامَة وَالدَّلِيل على القَوْل الأول أَن من الْتزم طَاعَة رَئِيس فانه إِذا قَالَ أمرنَا بِكَذَا وَكَذَا فانه يفهم مِنْهُ مَا يلْتَزم طَاعَته ويؤثر أمره أَلا ترى أَن الرجل من أَوْلِيَاء السُّلْطَان إِذا قَالَ فِي دَار السُّلْطَان أمرنَا بِكَذَا أَو نهينَا عَن كَذَا فهم مِنْهُ أَن السُّلْطَان الَّذِي يلْتَزم طَاعَته هُوَ الَّذِي أَمر وَأَيْضًا فغرض الصَّحَابِيّ أَن يعلمنَا الشَّرْع ويفيدنا الحكم فَيجب حمل ذَلِك على من يصدر الشَّرْع عَنهُ دون الْأَئِمَّة والولاة لِأَن امرهم لَا يُؤثر فِي الشَّرْع وَلَا هم المتبعون فِيهِ وَلَا يحمل هَذَا القَوْل على أَمر الله عز وَجل لِأَن أَمر الله عز وَجل ظَاهر للْكُلّ لَا نستفيده من كَلَام الصَّحَابِيّ وَلَا نحمله على جمَاعَة الْأمة لِأَن قَول الصَّحَابِيّ أمرنَا إِن أَفَادَ ذَلِك أَفَادَ أَن جَمِيع الامة أمرت بذلك وَهِي لَا تَأمر نَفسهَا

فاما قَول الصَّحَابِيّ أوجب علينا كَذَا أَو حظر علينا كَذَا أَو ابيح لنا كَذَا فانه يفهم مِنْهُ أَن الْمُوجب الْمُبِيح الحاظر هُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن الْإِبَاحَة والحظر والإيجاب على الْحَقِيقَة لَا تحصل من بشر سواهُ

وَإِذا قَالَ الْإِنْسَان من السّنة كَذَا لم يعقل مِنْهُ إِلَّا سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا أَن قَوْلنَا هَذَا الْفِعْل طَاعَة يُفِيد أَنه طَاعَة لله تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ

إِن قيل يجوز أَن يكون الصَّحَابِيّ إِنَّمَا قَالَ اوجب علينا كَذَا لِأَنَّهُ سمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَمر بذلك الشَّيْء فَحَمله على الْإِيجَاب فَلَا يلْزم ذَلِك من لم يقل إِن الْأَمر لَيْسَ على الْوُجُوب الْجَواب أَن من يَقُول إِن الْأَمر على

<<  <  ج: ص:  >  >>