الْوُجُوب يلْزمه أَن يَأْخُذ بقول الصَّحَابِيّ أوجب علينا كَذَا وَلَا يسْقط عَنهُ الْوُجُوب لما قَالَه السَّائِل وَمن لم يقل إِن الْأَمر على الْوُجُوب يلْزمه ذَلِك أَيْضا لِأَن الظَّاهِر من الصَّحَابِيّ أَنه لم يقل ذَلِك إِلَّا مَعَ زول الْإِشْكَال وَالْخلاف وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَن يكون قد سمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَفْظَة الْوُجُوب أَو اضْطر إِلَى ذَلِك من قَصده
إِن قيل أَلَيْسَ قد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سنّ سنة حَسَنَة فَلهُ أجرهَا وَأجر من عمل بهَا وعني بذلك سنة غَيره قُلْنَا لسنا نمْنَع من ذَلِك مَعَ التَّقْيِيد وَإِنَّمَا نمْنَع من أَن يفهم من إِطْلَاق السّنة سنة غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأما قَول الصَّحَابِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد قَالَ قوم إِنَّه يحْتَمل أَن يكون أخبرهُ غَيره عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يسمعهُ مِنْهُ وَقَالَ قوم الظَّاهِر أَنه سَمعه مِنْهُ وَهَكَذَا ذكر قَاضِي الْقُضَاة فِي الشَّرْح
فَأَما إِذا قَالَ الصَّحَابِيّ كُنَّا نَفْعل كَذَا وَكَذَا فَالظَّاهِر مِنْهُ أَنه قصد أَن يعلمنَا بِهَذَا الْكَلَام حكما ويفيدنا شرعا وَلَا يكون كَذَلِك إِلَّا وَقد كَانُوا يَفْعَلُونَهُ على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على وَجه يظْهر لَهُ فَلَا يُنكره وَلِهَذَا كَانَ الظَّاهِر من قَول الرَّاوِي كَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا أَن جمَاعَة الامة كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك أَو يفعل الْبَعْض فَلَا يُنكر أَو يفعل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيعلم بِهِ وَلَا يُنكره وَذَلِكَ كَقَوْل عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كَانُوا لَا يقطعون الْيَد فِي الشَّيْء التافه
فَأَما إِذا قَالَ الصَّحَابِيّ قولا لَا مجَال للِاجْتِهَاد فِيهِ فَحسن الظَّن بِهِ يَقْتَضِي أَن يكون قَالَه عَن طَرِيق فاذا لم يكن الِاجْتِهَاد فَلَيْسَ إِلَّا أَنه سَمعه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم =