للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي مَذْهَب الرَّاوِي إِذا كَانَ بِخِلَاف رِوَايَته مَا الْمَعْقُول مِنْهُ وَهل يخْتَص بِهِ رِوَايَته أم لَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

حُكيَ عَن بعض أَصْحَاب أبي حنيفَة وَغَيرهم أَن الرَّاوِي للْحَدِيث الْعَام إِذا خصّه أَو تَأَوَّلَه وَجب الْمصير إِلَى تَأْوِيله وتخصيصه لِأَن بمشاهدته النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعرف بمقاصده وَلذَلِك حملُوا رِوَايَة أبي هُرَيْرَة فِي غسل الْإِنَاء من ولوغ الْكَلْب سبعا على النّدب لِأَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يقْتَصر على الثَّلَاث وَقَالَ أَبُو الْحسن الْمصير إِلَى ظَاهر الْخَبَر أولى وَمِنْهُم من جعل التَّمَسُّك بِظَاهِر الْخَبَر أولى من تَأْوِيل الرَّاوِي إِذا كَانَ تَأْوِيله بِخِلَاف ظَاهر الْخَبَر قَالَ فان كَانَ تَأْوِيله هُوَ أحد محتملي الظَّاهِر حملت الرِّوَايَة عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي لِأَنَّهُ حمل مَا رَوَاهُ ابْن عمر من حَدِيث الِافْتِرَاق على افْتِرَاق الْأَبدَان لِأَنَّهُ مَذْهَب ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة إِن لم يكن لمَذْهَب الرَّاوِي وتأويله وَجه إِلَّا أَنه علم قصد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذَلِك التَّأْوِيل ضَرُورَة وَجب الْمصير إِلَى تَأْوِيله وَإِن لم يعلم ذَلِك بل جوز أَن يكون صَار إِلَى ذَلِك التَّأْوِيل لنَصّ أَو قِيَاس وَجب النّظر فِي ذَلِك الْوَجْه فان اقْتضى ذَلِك مَا ذهب إِلَيْهِ الرَّاوِي وَجب الْمصير إِلَيْهِ وَإِلَّا لم يصر إِلَيْهِ وَهَذَا صَحِيح وَكَذَلِكَ إِذا علم انه صَار إِلَى ذَلِك التَّأْوِيل لنَصّ جلي لَا مساغ للِاجْتِهَاد فِي خِلَافه وتأويله فَأَنَّهُ يلْزم الْمصير إِلَى تَأْوِيله كَمَا لَو صرح بالرواية عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك التَّأْوِيل قَالَ قَاضِي الْقُضَاة فان كَانَ الْخَبَر الَّذِي رَوَاهُ مُجملا وَبَينه الرَّاوِي فان بَيَانه اولى

وَدَلِيل الشَّيْخ ابي الْحسن رَحمَه الله هُوَ أَن مَذْهَب الرَّاوِي لَيْسَ بِحجَّة وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام حجَّة فَلم يجز الْعُدُول عَنهُ إِلَى مَا لَيْسَ بِحجَّة وَدَلِيلنَا أَن نخص الْعُمُوم لتخصيص النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَإِنَّمَا نستدل بِمذهب الرَّاوِي على تَخْصِيص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ وَيجْرِي مَذْهَبهم مجْرى روايتهم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوجه الِاسْتِدْلَال بذلك هُوَ انه إِذا لم يكن فِيمَا يعرفهُ من النُّصُوص ووجوه الِاجْتِهَاد مَا يَقْتَضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>