الْكَلَام وَأَيْضًا فان قَول الرَّاوِي قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يحسن مَعَه الظَّن لكَونه قَائِلا لذَلِك كَمَا يحسن مَعَ الْعلم فَمن ايْنَ أَنه لم يقل قَالَ النَّبِي إِلَّا وظنه آكِد من الظَّن الْحَاصِل بِرِوَايَة الْمسند الْمعَارض لَهُ فان قَالَ الْمُرْسل للْحَدِيث إِذا أرْسلت فقد حدثت عَن جمَاعَة من الثِّقَات فَحِينَئِذٍ يكون مرسله اقوى مِمَّن أسْند حَدِيثه إِلَى وَاحِد لأجل الْكَثْرَة
وَقد رجح قوم الْخَبَر بِكَوْن الرَّاوِي من أكَابِر السّلف وَكَونه أقدم هِجْرَة وَهَذَا إِنَّمَا يَقع بِهِ التَّرْجِيح من حَيْثُ كَانَ من هَذِه سَبيله أعرف بأحوال النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام واشد خبْرَة بِهِ وَرجح قوم الْخَبَر بِالْحُرِّيَّةِ والذكورية أما الْحُرِّيَّة فَلَا تَأْثِير لَهَا فِي قُوَّة الظَّن وَأما الذكورية فان كَانَ الضَّبْط مَعهَا أَشد وَقع بهَا التَّرْجِيح وكل ذَلِك قد دخل فِيمَا تقدم
وَأما التَّرْجِيح بِمَا يرجع إِلَى متن الْخَبَر فضربان أَحدهمَا رَاجع إِلَى لفظ الْخَبَر وَالْآخر لَا يرجع إِلَى لَفظه اما الرَّاجِع إِلَى لَفظه فبأن يكون فِي أَحدهمَا اختلال فِي اللَّفْظ أَو فِي الْمَعْنى وَالْآخر سليما من ذَلِك فيقوى الظَّن لبعده عَن الْخَطَأ والسهو فان قيل فَمَا كَانَ اضْطِرَاب لَفظه بِغَيْر الْمَعْنى يَنْبَغِي أَن لَا يقبل فَلَا معنى للترجيح عَلَيْهِ قيل قد يقبل إِذا أمكن تَأْوِيل ذَلِك الِاضْطِرَاب على بعض الْوُجُوه وَأما مَا لَا يرجع إِلَى اللَّفْظ فضربان أَحدهمَا صفة حكمه وَالْآخر طَرِيق يشْهد بِحكمِهِ فَأَما مَا يشد بالحكم فضربان أَحدهمَا يَكْفِي نَفسه فِي ثُبُوت الحكم وَالْآخر لَا يَكْفِي وَمَا يَكْفِي نَفسه فِي ذَلِك ضَرْبَان احدهما دَلِيل وَالْآخر أَمارَة فالدليل هُوَ الْكتاب وَالسّنة الْمَقْطُوع بهَا لِأَنَّهُ إِذا وَقع التَّرْجِيح بِمَا لَا يَكْفِي نَفسه فِي ثُبُوت الحكم فالترجيح بِمَا لَا يَكْفِي نَفسه أولى وَهَذَا مَفْرُوض فِي كتاب يدل على الحكم على ضرب من الِاشْتِبَاه وَيكون خبر الْوَاحِد تدل عَلَيْهِ دلَالَة ظَاهِرَة فَحِينَئِذٍ يرجح بِالْكتاب وَإِلَّا فَإِن دلّ الْكتاب دلَالَة ظَاهِرَة فَلَا معنى لِأَن يَقع التَّرْجِيح بِهِ بل هُوَ الأَصْل فِي الدّلَالَة وعَلى هَذَا قد يعضد الْإِجْمَاع الْخَبَر فيرجح بِهِ وَإِن انْعَقَد الْإِجْمَاع عَن غَيره وَمن ذَلِك أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute