لم يشْعر بِهِ غَيره
وقاس الْمُخَالف الْخَبَر على الشَّهَادَة بعلة أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا خبر عَمَّا يتَعَلَّق بِهِ حكم فَلم يتَرَجَّح بِكَثْرَة المخبرين الْجَواب إِن قَاضِي الْقُضَاة رَحمَه الله حكى فِي الدَّرْس أَن مَالِكًا رَحمَه الله رجح إِحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ بِكَثْرَة الشُّهُود وَغَيره لم يرجحها بِالْكَثْرَةِ قَالَ لِأَن الشَّهَادَة أصل فِي نَفسه أَلا ترى أَنه اعْتبر فِيهَا لفظ مَخْصُوص وَلَيْسَ يجب إِذا لم يجز الشَّهَادَة على مُوجب الْقيَاس فِي ذَلِك من التَّرْجِيح بِقُوَّة الظَّن أَن لَا يجْرِي الْخَبَر على ذَلِك لِأَن الأَصْل هُوَ التَّرْجِيح بِقُوَّة الظَّن إِذْ الظَّن الْقوي مَعَ ظن أَضْعَف مِنْهُ كَالْعلمِ مَعَ الظَّن لِأَن فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا زِيَادَة لَيست فِي الآخر فاذا كَانَ الأَصْل ثُبُوت التَّرْجِيح بذلك فَمَا خرج عَن هَذَا الأَصْل لَا يجوز قِيَاس مَا عداهُ عَلَيْهِ بل يجب تبقيه مَا عداهُ على حكم الأَصْل وقاس الْمُخَالف أَيْضا الْخَبَر على الْفَتْوَى فِي أَنه لَا يتَرَجَّح إِحْدَى الفتويين على الْأُخْرَى بِكَثْرَة الْمُفْتِينَ وَالْجَوَاب مَا ذَكرْنَاهُ من أَن خُرُوج الْبَعْض من هَذِه الْمسَائِل عَن مُوجب الْقيَاس لَا يَقْتَضِي خُرُوج الْبَعْض الآخر مِنْهُ وَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة فِي الشَّرْح إِنَّه لَو رجح إِحْدَى الفتويين بِكَثْرَة الْمُفْتِينَ جَازَ
وَأما التَّرْجِيح بِزِيَادَة الْوَرع والتحري فانما وَجب لِأَن الْكَذِب والتساهل مَعهَا أبعد فالظن لصدق الرَّاوِي أقوى وَالْخَطَأ مَعَ قُوَّة الضَّبْط أبعد فالظن لصدق الْخَبَر مَعَه يكون أقوى وَالْخَطَأ مَعَ كَون الرَّاوِي أفقه ابعد إِذا كَانَ يروي على الْمَعْنى فَأَما رِوَايَة اللَّفْظ فانه يَسْتَوِي فِيهِ الْفَقِيه وَغَيره والغلط مَعَ الْأَشْيَاء الَّتِي لَا تَلْتَبِس الْحَال فِيهَا أبعد وَكَون أحد الراويين أَشد مُلَابسَة لما ورد الْخَبَر فِيهِ يبعد مَعَه الالتباس والاشتباه
وَأما تَرْجِيح الْمُرْسل على الْمسند فَلم يذهب إِلَيْهِ أَكثر النَّاس وَذهب عِيسَى ابْن ابان إِلَى التَّرْجِيح بِهِ لِأَن الثِّقَة لَا يُرْسل الحَدِيث وَيَقُول قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا وَقد وثق أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه قَالَ قَاضِي الْقُضَاة هَذَا الْكَلَام يتَوَجَّه إِذا قَالَ الرَّاوِي قَالَ النَّبِي فَأَما إِذا قَالَ عَن النَّبِي فانه لَا يتَوَجَّه إِلَيْهِ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute