حَيْثُ يَنْفِي الْوُجُوب وَلَا مُعَارضَة بَينه وَبَين الْخَبَر الحاظر من هَذِه الْجِهَة وَالْقَوْل فِي الْحَظْر هَل هُوَ وَجه تَرْجِيح يجْرِي هَكَذَا لَا يخلوا الخبران اللَّذَان أَحدهمَا حاظر وَالْآخر مُبِيح إِمَّا أَن يكون لأَحَدهمَا حكم بَاقٍ أَو لَا يكون لأَحَدهمَا حكم بَاقٍ فان كَانَ لَهُ ذَلِك فإمَّا أَن يكون ذَلِك الحكم يعلم بَقَاؤُهُ بذلك الْخَبَر أَو بِغَيْرِهِ فان لم يعلم إِلَّا بذلك الْخَبَر نَحْو أَن يكون حكما شَرْعِيًّا أجمع الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ لأجل ذَلِك الْخَبَر فانه يدل ذَلِك على ثُبُوت الْخَبَر وبقائه لِأَنَّهُ لَو لم يكن كَذَلِك لم يثبت حكمه وَإِن كَانَ ذَلِك الحكم الْبَاقِي يعلم بِغَيْر ذَلِك الْخَبَر لم يثبت حكمه وَإِن كَانَ ذَلِك الحكم الْبَاقِي يعلم بِغَيْر ذَلِك الْخَبَر فانه لَا يدل على ثُبُوت الحكم وَصِحَّته فَلَا يكون ذَلِك الْخَبَر أولى من غَيره نَحْو مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَن مس الذّكر هَل فِيهِ وضوء فَقَالَ لَا هَل هُوَ إِلَّا بضعَة مِنْك فان كَون الذّكر بضعَة من الْإِنْسَان وَإِن كَانَ بَاقِيا فَلَيْسَ بَقَاؤُهُ لأجل هَذَا الْخَبَر فَيدل على بَقَاء الْخَبَر فَأَما إِن لم يكن لأحد الْخَبَرَيْنِ حكم بَاقٍ فان الشَّيْخ ابا الْحسن قَالَ الحاظر أولى وَقَالَ الشَّيْخ ابو هَاشم وَعِيسَى ابْن أبان رحمهمَا الله يطرحان وَيرجع الْمُجْتَهد إِلَى غَيرهمَا من الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة أَو الْبَقَاء على حكم الْعقل وَوجه قَوْلهمَا هُوَ أَنا إِذا علمنَا تقدم أحد هذَيْن الْخَبَرَيْنِ وَلم يعلم ايهما هُوَ الْمُتَقَدّم جَازَ كَون كل وَاحِد مِنْهُمَا هُوَ الْمُتَأَخر الَّذِي يجب الْعَمَل بِهِ بَدَلا من صَاحبه وَلَيْسَ يجوز استعمالهما لأَنا فَرضنَا الْكَلَام فِي خبرين متنافيين وَلذَلِك احتجنا إِلَى التَّرْجِيح وَلَا يجوز الْعَمَل على أَحدهمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ الْعَمَل على أَحدهمَا أولى من الْعَمَل على الآخر فَلم يبْق إِلَّا إطراحهما وجريا مجْرى عقدتي وليين على امْرَأَة وَلَا يعلم تقدم أَحدهمَا على الآخر فانهما تبطلان لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحدهمَا أولى من الآخر وَجرى مجْرى الغرقى فِي أَنه إِذا لم يعلم تقدم أَحدهمَا على الآخر بَطل حكم الْإِرْث بَينهم
فان قيل فَيجب أَن لَا يعملوا على حكم الْعقل لجَوَاز أَن يكون هُوَ الْمفْسدَة قيل إِنَّمَا يلْزم ذَلِك بِدَلِيل شَرْعِي ناقل وَلَا دَلِيل فِي الشَّرْع مَعَ التَّعَارُض لِأَن التَّعَارُض والتمانع يصير الشَّرْع كَأَنَّهُ لم يكن فينفرد حكم الْعقل