للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طابق مُقْتَضى الْعقل لَكِن مَا تضمن الْإِبَاحَة قد تضمن نفيا وإثباتا أما النَّفْي فنفي الْوُجُوب وَأما الْإِثْبَات فَهُوَ كَون الْفِعْل حسنا وَهُوَ زِيَادَة نفي الْوُجُوب وَهُوَ حكم شَرْعِي وَالْخَبَر الدَّال على الْوُجُوب أولى لِأَنَّهُ لَا يُعَارض خبر الْإِبَاحَة فِي اقتضائه نفي الْقبْح لِأَن الْوَاجِب غير قَبِيح وَلَا يُعَارضهُ فِي اقتضائه الْحسن لِأَن الْوَاجِب حسن وَإِنَّمَا يُعَارضهُ فِي نفي الْإِيجَاب وَهَذَا هُوَ حكم الْعقل والإيجاب هُوَ الحكم الْمَنْقُول فَكَانَ أولى

فَأَما إِذا كَانَ أحد الْخَبَرَيْنِ يَقْتَضِي إِثْبَات حد وَالْآخر يَقْتَضِي نَفْيه فقوم رجحوا الْخَبَر الْمسْقط للحد لِأَن الْحَد يسْقط بالشبه وبتعارض الْبَيِّنَتَيْنِ فَوَجَبَ إِسْقَاطه بتعارض الْخَبَرَيْنِ وَيكون ذَلِك كالشبه فِي إِسْقَاطه وقاضي الْقُضَاة يَقُول هما سَوَاء لِأَن الْحَد إِنَّمَا يسْقط عَن الْأَعْيَان بالشبه فَأَما إثْبَاته فِي الْجُمْلَة فِي الشَّرِيعَة فمفارق لإثباته وإسقاطه فِي أَعْيَان الْأَشْخَاص وَلقَائِل أَن يَقُول إِن تعَارض الْبَيِّنَتَيْنِ فِي الْحَد إِذا كَانَ شبهه فِي إِسْقَاطه الْأَعْيَان مَعَ ثُبُوته فِي أصل الشَّرِيعَة فبأن يجب إِسْقَاطه فِي الْجُمْلَة إِذا تعَارض خبران وَلم يقدم لَهُ حَالَة ثُبُوت أولى

وَأما إِذا تضمن أحد الْخَبَرَيْنِ الْحُرِّيَّة وتضمن الآخر الرّقّ فَذكر قَاضِي الْقُضَاة فِي الشَّرْح أَنَّهُمَا سيان وَقَالَ غَيره الْمُثبت للحرية أولى لِأَن الْحُرِّيَّة لَا يعترضها من الْأَسْبَاب المبطلة لَهَا مَا يعْتَرض الرّقّ وَلَا يبطل الْحُرِّيَّة بعد ثُبُوتهَا كَمَا يبطل الرّقّ بعد ثُبُوته فَكَانَت الْحُرِّيَّة آكِد

فَأَما إِذا اقْتضى أحد الْخَبَرَيْنِ الْحَظْر وَاقْتضى الآخر الْإِبَاحَة فان أَحدهمَا لَا بُد من كَونه مطابقا لمقْتَضى الْعقل فَيكون النَّاقِل عَنهُ أولى وَلَكِن لَا يمْتَنع أَن ينظر هَل للحظر وَجه تَرْجِيح كَمَا أَن النَّقْل عَن أصل الْعقل وَجه تَرْجِيح فان قيل قد يكون الْحَظْر وَالْإِبَاحَة شرعيين إِذا كَانَ حكم الْعقل الْوُجُوب قيل لَيْسَ كَذَلِك لِأَن الْخَبَر الحاظر هُوَ النَّاقِل عَن مُوجب الْعقل الَّذِي هُوَ الْوُجُوب وَالْخَبَر الْمُبِيح لَا يُعَارض حكم الْعقل من حَيْثُ اقْتضى الْحسن وَإِنَّمَا يُعَارضهُ من

<<  <  ج: ص:  >  >>