كَانَ بصريا لِأَنَّهُ عدوه لم يُمكن أَن يدعى على جَمِيع النَّاس أَنهم يذمونه ويلزمونه اشْتِرَاط نفي الْعَدَاوَة فِي علته الأولى وَإِن ادعوا ذَلِك على جَمِيع الْعُقَلَاء فمخالفوهم من الْعُقَلَاء وَلَا يلزمون الْمُعَلل ذَلِك فان قَالُوا لَو لم تفْسد الْعلَّة بتخصيصها لم تفْسد بمعارضة نَص لَهَا قيل لَهُم إِن أردتم أَن النَّص عارضها فِي بعض فروعها فَهَذَا هُوَ التَّخْصِيص الَّذِي لَا تفْسد الْعلَّة بِهِ عِنْد خصومكم وَإِن اردتم أَن النَّص يمْنَع من حكمهَا فِي جَمِيع فروعها فَمن أجَاز الْعلَّة القاصرة لَا يمْنَع من كَونهَا عِلّة فِي الأَصْل فَقَط وَمن لم يجز ذَلِك يفْسد الْعلَّة من حَيْثُ كَانَت قَاصِرَة خَارِجَة عَن كَونهَا أَمارَة فِي كل الْمَوَاضِع وَلَيْسَ كَذَلِك إِذا تخلف عَنْهَا حكمهَا فِي بعض فروعها لمَانع لِأَن ذَلِك لَا يمْنَع من كَونهَا أَمارَة على أَن هَذِه الشُّبْهَة تبطل بِالنَّصِّ على الْعلَّة إِذا لم يرد مَعَه التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ على قَول من لم يجز الْقيَاس بهَا لِأَن حكمهَا يَنْتَفِي عَنْهَا فِي الْفُرُوع كلهَا وَلَيْسَ ذَلِك مناقضة وَلَا يجْرِي مجْرى مُعَارضَة النَّص بعلة وَيبْطل الْعلَّة المنصوصة مَعَ وُرُود التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ
وَمِنْهَا قَوْلهم إِن الْعلَّة مَعَ كل فرع تجْرِي مجْرى النَّص على فرع وَاحِد فَكَمَا لم يجز تَخْصِيص النَّص على فرع وَاحِد فَكَذَلِك الْعلَّة الْجَواب إِن النَّص المتناول لعين وَاحِدَة لَا يُمكن تَخْصِيصه لِأَنَّهُ غير متناول الْأَشْيَاء فَيخرج بَعْضهَا وَلَيْسَ كَذَلِك الْعلَّة الشائعة فِي فروع كَثِيرَة لِأَنَّهَا تتَنَاوَل أَشْيَاء فَهِيَ كالعموم فَجَاز أَن تدل دلَالَة على إِخْرَاج بعض تِلْكَ الْأَشْيَاء من حكمهَا وَيبْطل ذَلِك بِالْعِلَّةِ المنصوصة على قَول من أجَاز تخصيصها
وَاحْتج من أجَاز تَخْصِيص الْعلَّة بأَشْيَاء
مِنْهَا أَن الْعلَّة الشَّرْعِيَّة أَمارَة فَجَاز وجودهَا فِي مَوضِع وَلَا حكم كَمَا جَازَ وجودهَا قبل الشَّرْع وَلَيْسَ مَعهَا ذَلِك الحكم وَلقَائِل أَن يَقُول وَلم إِذا جَازَ قبل كَونهَا أَمارَة أَن يُوجد من دون حكمهَا جَازَ تخصيصها بعد كَونهَا أَمارَة وَمَا تنكرون أَن تكون لما صَارَت أَمارَة صَارَت طَرِيقا إِلَى الحكم وَلَيْسَ