شَرْعِيَّة فَمَتَى كَانَ الْخطاب مُسْتَعْملا فِي شَيْء من جِهَة اللُّغَة ومستعملا فِي غَيره من جِهَة الْعرف وَلم يخرج بِالْعرْفِ من أَن يكون حَقِيقَة فِيمَا كَانَ مُسْتَعْملا فِيهِ من جِهَة اللُّغَة بل كَانَ حَقِيقَة فِي الْمَعْنى اللّغَوِيّ وَفِي الْمَعْنى الْعرفِيّ فَلَا يكون أَحدهمَا إِلَى الْفَهم أسبق عِنْد سَماع الْخطاب فَهُوَ مُشْتَرك بَينهمَا وَسَيَجِيءُ القَوْل فِي الِاسْم الْمُشْتَرك لِأَنَّهُ هُوَ الْمَفْهُوم من الْخطاب فَجرى مجْرى الْمجَاز
والحقيقة اللُّغَوِيَّة وَنَظِير ذَلِك اسْم الْغَائِط كَانَ حَقِيقَة فِي الْمَكَان المطمئن من الأَرْض ثمَّ صَار فِي الْعرف حَقِيقَة فِي قَضَاء الْحَاجة ومجازا فِي الْمَكَان المطمئن وَإِذا اسْتعْمل الْخطاب فِي الْعرف أَو اللُّغَة فِي شَيْء وَاسْتعْمل فِي الشَّرْع فِي شَيْء آخر وَكَانَ حَقِيقَة فِي الشَّرْعِيّ واللغوي أَو الْعرفِيّ فَهُوَ مُشْتَرك بَينهمَا وَإِن كَانَ مجَازًا فِي الْعرفِيّ أَو فِي اللّغَوِيّ وَجب حمله على الشَّرْعِيّ لِأَنَّهُ الْمَفْهُوم عِنْد سَماع الْخطاب وَذَلِكَ اسْم الصَّلَاة كَانَ حَقِيقَة فِي الدُّعَاء ثمَّ صَار مجَازًا فِيهِ حَقِيقَة فِي الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة لَا يفهم من إِطْلَاقه سواهَا فَصَارَ حمل الْخطاب على مَعْنَاهُ الشَّرْعِيّ أولى من حمله على الْعرفِيّ ثمَّ على الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة وَحمله على الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة أولى من حمله على مجازها فَإِذا تعذر ذَلِك حمل على مجازها فَإِن خطاب الله طائفتين بخطاب هُوَ حَقِيقَة عِنْد إِحْدَاهمَا فِي شَيْء وَعند الْأُخْرَى فِي شَيْء آخر فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن يحملهُ كل وَاحِدَة من الطَّائِفَتَيْنِ على مَا تتعارفه لِأَنَّهُ السَّابِق إِلَى إفهامنا فَلَو أَرَادَ أحد الْمَعْنيين من كلا الطَّائِفَتَيْنِ لدل الطَّائِفَة الَّتِي لَا تعرف ذَلِك الْمَعْنى على أَنه قد أَرَادَهُ
فَإِن قيل فَمَا قَوْلكُم لَو حرم الله علينا أَن نسمي الدُّعَاء صَلَاة وَأوجب أَن نسمي الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة بذلك وعصينا فِي ذَلِك وَلم نتعارف من اسْم الصَّلَاة إِلَّا الدُّعَاء ثمَّ قَالَ لنا أقِيمُوا الصَّلَاة على مَاذَا كَانَ يَنْبَغِي لنا أَن نحمله عَلَيْهِ قيل إِن كَانَ قد أخبرنَا أَنه لَا يسْتَعْمل هَذَا الِاسْم إِلَّا فِي الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة فَإِنَّهُ يُرِيد بِهِ الشَّرْعِيَّة وَإِن لم يخبرنا بذلك فَإِنَّهُ لَا يُرِيد بِهِ إِلَّا الدُّعَاء لِأَنَّهُ الْمَفْهُوم عندنَا وَلَيْسَ يجب إِذا قبح منا اسْتِعْمَال هَذَا الِاسْم فِي الدُّعَاء أَن يقبح من الله تَعَالَى ذَلِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute